قالت: فجاء بعد المساء رجل فقالت لي: هنيه فهناته بالمولود، فأعطاني سبيكة فضه، وجاء آخر وآخر، أهنئ كل واحد منهم فيعطيني سبيكة فضه، فلما كان في السحر جاء جماعه مع رجل وبين يديه شمع، وعليه ثياب خز تفوح منه رائحه المسك، فقالت لي: هنيه، فقمت اليه، فقلت: بيض الله وجهك، والحمد لله الذى رزقك هذا الابن، ودعوت له، فأعطاني سبيكة فيها الف درهم، وبات الرجل في بيت، وبت مع المرأة في بيت، فلما اصبحت قلت للمرأة: يا هذه، قد وجب عليك حقي، فالله الله في، خلصينى! قالت: مم أخلصك؟ فخبرتها خبر ابنى، وقلت لها: انى جئت راغبه اليه، وانه قال لي كيت وكيت، وليس في يدي منه شيء، ولي بنات ضعاف خلفتهن باسوا حال، فخلصينى من هاهنا لاصل الى بناتي، فقالت: عليك بالرجل الذى جاء آخر القوم، فسليه ذلك، فانه يخلصك فاقمت يومى الى ان أمسيت، فلما جاء تقدمت اليه، وقبلت يده ورجله، وقلت:
يا سيدي قد وجب حقي عليك، وقد أغناني الله على يديك بما أعطيتني، ولي بنات ضعاف فقراء، فان أذنت لي ان امضى فاجيئك ببناتى حتى يخدمنك ويكن بين يديك! فقال: وتفعلين؟ قلت: نعم، فدعا قوما من غلمانه، فقال: امضوا معها حتى تبلغوا بها موضع كذا وكذا، ثم اتركوها وارجعوا.
فحملوني على دابه، ومضوا بي قالت: فبينما نحن نسير، وإذا انا بابني يركض، وقد كنا سرنا عشره فراسخ- فيما خبرني به القوم الذين معى- فلحقني وقال: يا فاعله، زعمت انك تمضين وتجيئين ببناتك! وسل سيفه ليضربني، فمنعه القوم، فلحقني طرف السيف، فوقع في كتفي، وسل القوم سيوفهم، فارادوه، فتنحى عنى وساروا بي حتى بلغوا بي الموضع الذى سماه لهم صاحبهم، فتركوني ومضوا، فتقدمت الى هاهنا وقد طفت لعلاج جرحى، فوصف لي هذا الموضع، فجئت الى هاهنا قالت: ولما قدم امير المؤمنين بالقرمطى وبالأسارى من اصحابه خرجت لانظر اليهم، فرايت ابنى فيهم على جمل،