وَجَدَ صيحَائينَ قَدْ مَاتَ، فَمَلَكَ مَكَانَهُ، وَكَانَ أَكْرَمَ النَّاسِ عَلَيْهِ دَانْيَالُ وَأَصْحَابُهُ، فَحَسَدَهُمُ الْمَجُوسُ، فَوَشَوْا بِهِمْ إِلَيْهِ، فَقَالُوا: إِنَّ دَانْيَالَ وَأَصْحَابَهُ لا يَعْبُدُونَ إِلَهَكَ، وَلا يَأْكُلُونَ مِنْ ذَبِيحَتِكَ، فَدَعَاهُمْ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: أَجَلْ إِنَّ لَنَا رَبًّا نَعْبُدُهُ، وَلَسْنَا نَأْكُلُ مِنْ ذَبِيحَتِكُمْ، وَأَمَرَ بِخَدٍّ فَخُدَّ، فَأُلْقُوا فِيهِ وَهُمْ سِتَّةٌ، وَأُلْقِيَ مَعَهُمْ سَبُعٌ ضَارٍ لِيَأْكُلَهُمْ، فَقَالُوا: انْطَلِقُوا فَلْنَأْكُلْ وَلْنَشْرَبْ، فَذَهَبُوا، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا، ثُمَّ رَاحُوا فَوَجَدُوهُمْ جُلُوسًا، وَالسَّبُعُ مُفْتَرِشٌ ذِرَاعَيْهِ بَيْنَهُمْ لَمْ يَخْدِشْ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَلَمْ يَنْكَأْهُ شَيْئًا، فَوَجَدُوا مَعَهُمْ رَجُلًا، فَعَدُّوهُمْ فَوَجَدُوهُمْ سَبْعَةً، فَقَالَ: مَا بَالُ هَذَا السَّابِعِ؟ إِنَّمَا كَانُوا سِتَّةً! فَخَرَجَ إِلَيْهِ السَّابِعُ- وَكَانَ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ- فَلَطَمَهُ لَطْمَةً فَصَارَ فِي الْوَحْشِ، فَكَانَ فِيهِمْ سَبْعُ سِنِينَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ- الَّذِي رُوِيَ عَمَّنْ ذَكَرْتُ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي رَوَيْتُ وَعَمَّنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْكِتَابِ، مِنْ أَنَّ بُخْتَنَصَّرَ، هُوَ الَّذِي غَزَا بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ قَتْلِهِمْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ- عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْأَخْبَارِ وَالْعِلْمِ بِأُمُورِ الْمَاضِينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ غَلَطٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ بِأَجْمَعِهِمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ بُخْتَنَصَّرَ إِنَّمَا غَزَا بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ قَتْلِهِمْ نَبِيَّهُمْ شَعْيَا فِي عَهْدِ إِرْمِيَا بْنِ حلقِيَا، وَبَيْنَ عَهْدِ إِرْمِيَا وَتَخْرِيبِ بُخْتَنَصَّرَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى مَوْلِدِ يَحْيَى بن زكرياء أربعمائة سَنَةٍ وَإِحْدَى وَسِتُّونَ سَنَةً فِي قَوْلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَيَذْكُرُونَ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي كُتُبِهِمْ وَأَسْفَارِهِمْ مُبَيَّنٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَعُدُّونَ مِنْ لَدُنْ تَخْرِيبِ بُخْتَنَصَّرَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى حِينِ عُمْرَانِهَا فِي عَهْدِ كيرشَ بْنِ أَخْشويرشَ أَصْبهبذَ بَابِلَ مِنْ قِبَلِ أَرْدِشِيرَ بهمن بْنِ إِسْفندِيَارِ بْنِ بشتَاسبَ، ثُمَّ مِنْ قِبَلِ ابْنَتِهِ خماني سَبْعِينَ سَنَةً، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ عُمْرَانِهَا إِلَى ظُهُورِ الإِسْكَنْدَرِ عَلَيْهَا وَحِيَازَةِ مَمْلَكَتِهَا إِلَى مَمْلَكَتِهِ ثَمَانِيًا وَثَمَانِينَ سَنَةً، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ مَمْلَكَةِ الإِسْكَنْدَرِ لها الى مولد يحيى بن زكرياء ثلاثمائة سنه وثلاث سنين، فذلك على قولهم أربعمائة سَنَةٍ وَإِحْدَى وَسِتُّونَ سَنَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute