في دار السلطان، ووصل يوم الثلاثاء من غدوه الى المقتدر، وخلع عليه بعد ان تلقاه الناس من نهر سابس الى بغداد، ولم يتخلف عنه احد، وراى السلطان ومن حوله ضعف حامد وكبره، فعلموا انه لا بد له من معين، فاخرج على بن عيسى من محبسه، وانفذ الى الوزير حامد ومعه كتاب من الخليفة يعلمه فيه انه لم يصرف عليا عن الوزارة لخيانه ولا لشيء انكره، ولكنه واصل الاستعفاء، فعوفي، قال: وقد انفذته إليك لتوليه الدواوين وتستخلفه وتستعين به فان ذلك اجمع لامورك، وأعون على جميل نيتك فسلم الكتاب الى الوزير شفيع المقتدرى، فتطاول لعلى بن عيسى حين دخل اليه واجلسه الى جانبه فأبى عليه وجلس منزويا قليلا، وقرأ الرقعة، وأجاب فيها بالشكر والقبول وركب الوزير حامد وعلى بن عيسى الى الجمعه، وكثر دعاء الناس لهما وولى ابن حماد الموصلى مناظره ابن الفرات بحضره شفيع اللؤلؤى، واحضر حامد بن العباس المحسن بن على بن محمد بن الفرات وموسى بن خلف فطالبهما بالمال، واسرف في صفعهما وضربهما وشتمهما، فقال له موسى بن خلف: أعز الله الوزير! لا تسن هذا على اولاد الوزراء فان لك أولادا، فغاظه ذلك، فزاد في عقوبته، فحمل من بين يديه، وتلف واوقع بالمحسن، فامر المقتدر بالله باطلاق المحسن، فاطلق.
ولما بلغ ابن الفرات الخبر، اظهر انه راى أخاه في النوم، كأنه يقول له:
أعطهم مالك، فإنك تسلم، فاستدعى ابن الفرات ان يسمع الخليفة منه، فاحضره فاقر له فان قبل يوسف بن بنخاس وهارون بن عمران الجهبذين اليهوديين سبعمائة الف دينار، فاحضرهما حامد، فاقرا بالمال، فأخذه منهما، واقر بمائه الف دينار له عند بعض أسبابه، فأخذت، وأخذوا قبل ذلك منه نحو مائتي الف دينار، فكانت الجمله التي أخذت منه ومن أسبابه الف الف دينار وكان السلطان انفذ جمازات الى الحسين بن احمد الماذرائى، يأمره بالقدوم، فارجف الناس ان ذلك للوزارة وقيل أيضا: ليحاسب عن اعماله، فقدم الى بغداد للنصف من شهر رمضان سنه ست واهدى الى الخليفة هدايا جليله، والى السيده، وحمل مالا، واهدى الى على بن عيسى مالا وهدايا، فردها وامره ان يحملها الى السلطان، واخرج ابن الفرات، واجتمعت الجماعه لمناظرته، فاقر للحسين بن احمد انه حمل اليه عند تقلده الوزارة في الدفعه