عشرين، ومضى الديلم في آثار من انهزم من اصحابه، ودخلوا أصبهان، وملكوا دورها، وصاروا فيها ووافى الاشكرى على أثرهم في نفر من الديلم، فلما نظر اليهم ابن كيغلغ قال لمن حوله: أوقعوا عيني على الاشكرى، فاروه اياه فقصده وحده، وكان الديلمى شديد الخلق فلما نظر اليه مقبلا سال عنه فقيل له: هذا ابن كيغلغ، فبرز كل واحد منهما لصاحبه ورمى الديلمى أبا العباس بن كيغلغ بمزراق كان في يده، فانفذ ما كان يلبسه، ووصل الى خفه، فانفذ عضله ساقه وأثبتها في نداد سرجه، فحمل عليه ابن كيغلغ، وضربه بسيفه على أم راسه، فانصرع عن دابته وأخذ راسه وتوجه به بين يديه فتفرق اصحاب الديلمى وتراجع اصحاب ابن كيغلغ، ودخل أصبهان والراس قدامه، فوضع اهل المدينة سيوفهم ورماحهم في الديالمة الذين حصلوا بها، فقتلوا عن آخرهم ونزل ابن كيغلغ في داره، واستقام امره وحسن اثره عند المقتدر، واعجب الناس ما ظهر من شجاعته وبأسه، مع كبر سنه.
ولعشر بقين من شعبان ورد الخبر بان القرامطة صاروا الى الكوفه ونزلوا المصلى العتيق، وعسكروا به، وأقاموا، وسارت قطعه منهم في مائتي فارس فدخلوا الكوفه، وأقاموا بها خمسه وعشرين يوما مطمئنين، يقضون حوائجهم، وقتلوا بها خلقا كثيرا من بنى نمير خاصه، واستبقوا بنى اسد، ونهبوا اهراء فيها غلات كثيره للسلطان وغيره.
وفي هذه السنه وصل زكرى الخراسانى الى عسكر سليمان بن ابى سعيد الجنابى فجاز له عليهم من الحيله والمخرقه ما افتضحوا به وعبدوه، ودانوا له بكل ما امرهم، به من تحليل المحارم وسفك الرجل دم أخيه وولده وذوى قرابته وغيرهم، وكان السبب في وصوله اليهم ان القرامطة لما انتشروا في سواد الكوفه، وانتهوا الى قصر ابن هبيرة فأسروا جماعه من الناس كانوا يستعبدون من يأسرونه ويستخدمونهم، وكان له عرفاء، على كل طائفه منهم، فاسر زكرى هذا فيمن اسر، وملكه بعض المتراسين عليهم، فلما اراد الاستخدام به تمنع عليه واسمعه ما كره فلما نظر الى قوه