للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاخرج المقتدر كم قميصه ليمسح الدم عن وجهه، فضربه الآخر ضربه ثالثه، فتلقاها المقتدر بيده اليسرى، فقطعت ابهامه وانقلبت ابهامه وانقلبت الابهام الى ذراعه، وسقط الى الارض، واجتمعت عليه جماعه رجاله فاحتزوا راسه، وحمل الى مؤنس وذلك يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من شوال سنه عشرين وثلاثمائة، وكان الذى حمله سراج البكتمرى.

فلما نظر اليه مؤنس اشتد جزعه، وغمه وناله عليه امر عظيم.

وقيل: ان الذى قتل المقتدر نقيط غلام مؤنس، وان جثته بقيت مجرده، فطرح بعض المطوعة على سوءته خرقه ثم أخذها رجل من العجم، والقى عليها حشيشا، الى ان حملت الجثة الى مؤنس، فاضاف إليها الراس وسلمه الى ابن ابى الشوارب القاضى ليتولى امره، فقيل انه دفن مع ابيه، وقيل انه دفن في رقه الشماسيه، وقيل أيضا انه طرح في دجلة، ولم تزل الرعية يصلون في مصرعه ويدعون على قاتله وبنى في الموضع مسجد وحظيرة كبيره، وكان عمر المقتدر يوم قتل ثمانية وثلاثين سنه وشهر وسته ايام وكانت ولايته الخلافه أربعا وعشرين سنه واحد عشر شهرا.

وولد أبا العباس الراضي محمدا والعباس أبا احمد، وهارون أبا عبد الله، وعبد الواحد أبا على وابراهيم أبا إسحاق المتقى، والفضل أبا القاسم المطيع، وعليا أبا الحسن، وإسحاق أبا يعقوب وعبد الملك أبا محمد وعبد الصمد ولم يذكر الفرغاني جميعهم وانما ذكر سته منهم.

وبقي مؤنس في مضاربه بباب الشماسيه، ولم يدخل بغداد حتى اقام القاهر للخلافة.

واستامن اليه القواد المنهزمون عن المقتدر، فامنهم وانقطع الطلب عن جميعهم وسكن الناس، وهدنهم واظهر الأسف، لما دار في امر المقتدر وجمع القواد للمشورة في الخليفة بعده، ودار الرأي بينهم في ذلك.

وامر مؤنس باحضار بلال بواب دار ابن طاهر التي كان فيها اولاد الخلفاء، وساله عمن فيها من اولاد الخلفاء، فذكر جماعه فيهم محمد القاهر، فمال هواهم اليه- وكان مؤنس قد كرهه ونهاهم عنه- فقالوا: هو كهل، ولا أم له، ونرجو ان تستقيم أمورنا معه، فاطاعهم فيه، وأجابهم اليه واحضروه على ما سيقع بعد هذا ذكره.

قال: وحدثنى ابو الفهم ذكى ان رشيقا الأيسر وكان الذى اقبل بالقاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>