فَانْفَتَحَتْ لَهُ، فَدَخَلَ فِيهَا، وَهَذَا هُدْبُ رِدَائِهِ، فَعَمَدُوا فَقَطَعُوا الشَّجَرَةَ، وَهُوَ فِيهَا بِالْمَنَاشِيرِ، وَلَيْسَ تَجِدُ يَهُودِيًّا إِلَّا تِلْكَ الْهُدْبَة فِي رِدَائِهِ، فَلَمَّا وُلِدَ عِيسَى لَمْ يَبْقَ فِي الأَرْضِ صَنَمٌ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِلَّا أَصْبَحَ سَاقِطًا لِوَجْهِهِ حَدَّثَنِي المثنى، قَالَ: حَدَّثَنَا إسحاق بن الحجاج، قال: حدثنا اسماعيل ابن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل، أنه سمع وهبا يقول:
إن عيسى بن مريم ع لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا جزع من الموت، وشق عليه، فدعا الحواريين، فصنع لهم طعاما، فقال:
احضروني الليلة، فإن لي إليكم حاجة، فلما اجتمعوا إليه من الليل، عشاهم وقام يخدمهم، فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده، ويمسح أيديهم بثيابه، فتعاظموا ذلك وتكارهوه، فقال: ألا من رد علي شيئا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه! فأقروه حتى إذا فرغ من ذلك قَالَ: أما ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم على الطعام، وغسلت أيديكم بيدي، فليكن لكم بي أسوة، فإنكم ترون أني خيركم، ولا يتعظم بعضكم على بعض، وليبذل بعضكم نفسه لبعض، كما بذلت نفسي لكم وأما حاجتي التي أستعينكم عليها، فتدعون الله لي، وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي، فلما نصبوا أنفسهم للدعاء، وأرادوا أن يجتهدوا، أخذهم النوم، حتى لم يستطيعوا دعاء، فجعل يوقظهم، ويقول: سبحان الله! ما تصبرون لي ليلة واحدة تعينوني فيها! قَالُوا: والله ما ندري ما لنا! لقد كنا نسمر فنكثر السمر، وما نطيق الليلة سمرا، وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه! فقال: يذهب بالراعي وتتفرق الغنم وجعل يأتي بكلام نحو هذا، ينعى به نفسه، ثم قَالَ:
الحق ليكفرن بي أحدكم، قبل ان يصيح الديك ثلاث مرات، وليبيعننى أحدكم بدراهم يسيرة، وليأكلن ثمني فخرجوا فتفرقوا، وكانت اليهود تطلبه، فأخذوا شمعون، أحد الحواريين، فقالوا: هذا من أصحابه، فجحد وقال:
ما أنا بصاحبه، فتركوه، ثم أخذه آخر فجحد كذلك، ثم سمع صوت ديك،