فقالت السيده: لا يضر ان يعتقل في الدار ويحفظ نفسه، فقال مفلح:
ان فعل هذا، لم يتم لابن الفرات عمل وبطلت الاعمال، فقال المقتدر: صدقت، وامره بانفاذ حامد الى ابن الفرات، فبعد جهد، مكنه مفلح من تغيير زيه، وقال:
لا احمله الا في زي الرهبان وهذا الصوف الذى عليه، حتى تشفع فيه نصر، وانفذه مع ابن الزنداق الحاجب.
فلما دخل على ابن الفرات، اسمع حامدا المكروه، وقال له: جئت بها طائيه، وكان الطائي قد ضمن اسماعيل بن بلبل من الناصر لدين الله، وأتاه في زي الرهبان، فسلمه الى اسماعيل بن بلبل فعامله باصناف المكاره، وأخذ منه مالا عظيما.
وامر ابن الفرات قهرمان داره، بان يفرد له دار أخيه، يفرشها فرشا جميلا وان يحضر بين يديه ما يختاره من الطعام، ويقطع له ما يؤثره من الكسوة، واستخدم له خادمين اعجميين ودخل اليه كل من عامله بالمكاره فوبخوه، فقال: قد اكثرتم، وانا اجمل الجواب، ان كان ما استعملته من الاحوال التي وصفتموها جميله العاقبه، قد اثمرت لي خيرا فاستعملوا مثله وزيدوا عليه، وان كان قبيحا- وهو الذى بلغ هذه الغاية- فتجنبوه، فان السعيد من وعظ بغيره.
فقال ابن الفرات لما بلغه ذلك: ما ادفع شهامته، ولكنه رجل من اهل النار، يقدم على الدماء ومكاره الناس.
ومثل هذه الحكاية، حكاية زينب بنت سليمان بْن علي بْن عبد الله بْن العباس، قالت: كنت عند الخيزران، فدخلت جاريه وقالت: بالباب امراه لها جمال وخلقه حسنه، وليس وراء ما هي عليه من سوء الحال غاية، تستأذن عليك، وقد