وانفذ المقتدر بنازوك وبليق فهجما على ابن الفرات، وهو في دار حرمه، فاخرجاه حاسرا، فاعطاه نازوك رداء قصب، فقال له مؤنس: الان تخاطبني بالاستاذ وبالأمس نفيتنى الى الرقة والمطر يصب على راسى، ثم تذكر لأمير المؤمنين سعيي في فساد مملكته! ورجمت العامه طيار مؤنس، لكون ابن الفرات فيه، وسلم الى نصر، وقبض على ولده وأسبابه.
فكانت مده ابن الفرات في هذه الوزارة الثالثه عشره اشهر وثمانية عشر يوما.
واجمع وجوه القواد فقالوا: ان حبس ابن الفرات في دار الخلافه خرجنا بأسرنا، فسلم الى شفيع واعتقل عنده.
واشار مؤنس بتوليه ابى القاسم عبد الله بن محمد بن عبيد الله الخاقانى، فانفذ ابن الفرات الى المقتدر بمائه ونيف وستين الف دينار، وقال لشفيع: فعلت ذلك حتى لا يوهم الخاقانى للمقتدر انه استخرجها.
قال الجمل كاتب شفيع: ولم أر قلبا اقوى من قلب ابن الفرات، سألني:
من قلد الخليفة وزارته؟ فقلت: الخاقانى، فقال: الخليفة نكب ولم انكب انا.
وسألني عمن استخلف في الدواوين؟ فقلت: في ديوان السواد ابن حفص، فقال: القدر رمى بحجره، وسميت له جماعه، فقال: لقد أيد الله هذا الوزير بالكفاءه.
واقر ابن الفرات بمائه وخمسين الف دينار اخرى، وطولب بالمكاره، فلم يستجب بمال، وكان لا يستجيب بمكروه، وانفذ الى الخاقانى: ايها الوزير، لست غرا جاهلا فتحتال على، وانا قادر على مال، إذا كتب الخليفة الى أمانا على نفسي لافديها بالمال، ويشهد عليه القضاه فيه، فقال الخاقانى: لو قدرت على ذلك فعلت، ولكن ان تكلمت عاداني خواص الدولة.
ورد الخليفة امره الى هارون بن غريب، فاخذ يداريه، وقال له: أنت اعرف بالأمور وان الوزراء لا يلاجون الخلفاء، فلم يزل به حتى أخذ خطه بألفي الف دينار، يعجل منها الربع، وان يطلق له بيع ضياعه، واذن له في احضار دواه، ليكتب