وقلده اعمال المعاون بأصبهان وفارس، فاستعفى عبد الرحمن بن عيسى من الوزارة حين عجز عن تمشيه الأمور، فقبض عليه الراضي في رجب، وقبض على أخيه على بن عيسى، وصادر عليا على مائه الف دينار ادى منها تسعين ألفا، وصادر عبد الرحمن على سبعين ألفا ادى منها ثلاثين.
ولليلة بقيت من شعبان، توفى ابو بكر محمد بن موسى بن مجاهد، ودفن عند داره بسوق العطش، وكان مولده سنه خمس واربعين ومائتين.
قال ابو الفضل الزهري: انتبه ابى في الليلة التي مات فيها ابو بكر بن مجاهد المقرئ، فقال: يا بنى، ترى من مات الليلة؟ فانى رايت في منامي كان قائلا يقول:
قد مات الليلة مقوم وحى الله منذ خمسين سنه، فلما أصبحنا وإذا بابن مجاهد قد مات.
ونقلت من خط رئيس الرؤساء ابى الحسن بن حاجب النعمان: كان ابن مجاهد إذا ختم احد عنده القرآن عمل دعوه، فختم احد اولاد النجارين، فعمل دعوه فحضر ابو بكر واصحابه، وحضر الصوفية والقوالون، فلما قارب ثلث الليل، استدعى ابو بكر بن مجاهد ازاره فطرحه على كتفه، وقال: امضى في حاجه واعود، فلا يتبعني احد، قال: فعجبنا من خروجه في ذلك الوقت، وظننا انه انكر سوء ادب، ومكثنا منكرين، فلما كان بعد ساعتين، وافى وعاد الانبساط، فسألناه عن نهضته فقال: اصدقكم، نظرت فإذا انا في طيبه ولذة، وذكرت ان بيني وبين فلان الضرير مقه وشر، ففكرت اننى في هذه اللذه، وان ذاك واقف بين يدي الله عز وجل يتهجد، ولم أحب ان أكون بهذه الصفة وهو على تلك الحال من ثقل القلب، فخفت من الله تعالى فقصدته ودخلت داره، فقبلت راسه، واصلحت ما بيني وبينه، وامنت استحكامه، وعدت الى ما نحن عليه وانا طيب القلب.
وفي شهر رمضان ورد الخبر بقتل ياقوت بعسكر مكرم، ودفن بها، وذلك ان جنده شغبوا عليه، ومن جملتهم ثلاثة آلاف اسود، وانصرف عنه طاهر الجيلى في ثمانمائه رجل الى الكرج، وكبسه على بن بلقويه فقلل رجاله، ونجا طاهر بنفسه،