وبنى معز الدولة في الحدق نيفا وخمسين زبزبا، وعبر فيها، فانهزم ناصر الدولة، وملك الديلم الجانب الشرقى سلخ ذي الحجه سحر يوم السبت، وطرحوا النار في المخرم، ونهبوا باب الطاق وسوق يحيى، وهرب الناس لما اودعوه قلوب الديلم من السب، فخرجوا حفاه في الحر، وطلبوا عكبرا فماتوا في الطريق.
قال بعضهم: رايت امراه تقول: انا بنت ابن قرابه، ومعى حلى وجواهر تزيد على الف دينار، فمن يأخذها ويسقيني شربه ماء؟ فما أجابها احد، وماتت وما فتشها احد، لشغل كل انسان بنفسه.
وامر معز الدولة برفع السيف والكف من النهب، ولما وصل ناصر الدولة الى عكبرا، ومعه الاتراك وابن شيرزاد، انفذ بابى بكر ابن قرابه، وطلب الصلح فتم ذلك.
وعرف الاتراك الحال، فهموا بالوثوب بناصر الدولة، فهرب الى الموصل.
وقصد عيار خيمه ناصر الدولة بباب الشماسيه ليلا، فطفا الشمعه، واراد ان يضع السكين في حلقه وهو نائم، فوضعها في المخدة وظن انه قتله ومضى الى معز الدولة، فاخبره فقال: هذا لا يؤمن، ودفعه الى الصيمرى وقتله.
واكل الناس في يوم الغلاء النوى والميته، وكان يؤخذ البزر قطونا ويضرب بالماء ويبسط على طابق حديد، ويوقد تحته النار ويوكل، فمات الناس باكله، وكان الواحد يصيح: الجوع! ويموت، ووجدت امراه قد شوت صبيا حيا فقتلت.
وانحل السعر عند دخول الغلات.
ونظر الصيمرى فيما كان ينظر فيه ابن شيرزاد، فاستخلف له أبا عبد الله بن مقله، فقبض على ابى زكريا السوسي، والحسن بن هارون فشتمهما، فقال الصيمرى:
لم يكن غرضك غير التشفى منهما.
واطلق معز الدولة أبا زكريا السوسي، ولم يلزمه بشيء، والزم الحسن بن هارون خمسين الف دينار، وعزل ابن مقله، وانفرد الصيمرى بالأمر، واقطع اصحابه ضياع السلطان وضياع ابن شيرزاد وضياع المستترين.
وفي شعبان انبثق في البحر بثق الخالص والنهروان