للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمولانا امير المؤمنين اطال الله بقاءه جعفر بن ورقاء، ان يصحح له لمن يأمره بتصحيح ذلك عنده، عن عبد الرحمن بن عيسى مائه الف دينار، واخذه اى وقت امره بتصحيحها، وقلت للوزير: أنفذها مع رسول عاقل ينظر ما يجرى، فعاد الخادم الذى انفذه وقال: استدعاني الخليفة حين عرض عليه الحاجب الخط، فدخلت وهو جالس على كرسي كالمغتاظ، وفي يده الرقعة مخرقه، فقال: من عند مولاك؟ فقلت ولم اجسر على كذبه: جعفر بن ورقاء، فقال: قل له يا اعرابى، اردت ان ترى الناس ان نفسك تتسع، لا تغرم غمرا لا حرمه له، وهو خادمى ما ضاقت نفسي عن تركه عليه، فتظهر بذلك انك اكرم منى، والله لا كان هذا، قل لمولاك:

اطلق عبد الرحمن، وترد خط هذا الأعرابي الجلف، وانى اكفر عن يميني، ورمى بالرقعة مخرقه.

قال: فقلت للكرخى: كيف راى الوزير رأيي؟ والله ما اعتمدت الا ان يقع في نفسه مثل هذا، فيفعل ما فعله لعلمي بجوده عقله وكرم نفسه، ولو جرى الأمر بخلاف ذلك لوزنت جميع ما املكه، واستسمحت الوزير والناس بعده حتى اقوم بتصحيح المال، فاطلق ابو على الى منزله.

وفي هذه السنه ورد الخبر بان الروم، خذلهم الله، أسروا محمد بن ناصر الدولة من نواحي حلب، وأسروا أبا الهيثم بن القاضى ابى حصين بن عبد الملك بن بدر ابن الهيثم وغلمانه من سواد حران، فكتب ابو فراس الى ابيه:

أيا راكبا نحو الجزيرة جسره ... عذافره ان الحديث شجون

تحمل الى القاضى سلامي وقل له ... الا ان قلبي مذ حزنت حزين

وان فؤادى لافتقادى اسيره ... لعان بأيدي الحادثات رهين

لعل زمانا بالمسره ينثني ... وعطفه دهر باللقاء تكون

فأشكو ويشكو ما بقلبي وقلبه ... كلانا على نجوى أخيه أمين

إذا غير البعد الهوى فهوى ابى ... حصين منيع الفؤاد حصين

<<  <  ج: ص:  >  >>