فأرخت الوقت، وكان لاربع ساعات مضت من ليله الثلاثاء سابع عشر شهر ربيع الاول.
ثم اتصل الوابل فحبس الناس أياما في المنازل، فلما انقشع الغمام وانتشر الناس، شاع الخبر بان معز الدولة توفى تلك الساعة، في تلك الليلة ومولد معز الدولة سنه ثلاث وثلاثمائة.
ومن آثاره سد بثق الرومانيه، وعمل المعيض بالسندية، وسد البثق بالنهروان.
واسقط المواريث الحشريه، وامر بردها الى ذوى الارحام، وتسليم مالا مستحق له الى القضاه ليصرفوه في مصالح المسلمين.
وكان قد سال المطيع لله ان يطوف في دار الخلافه، فشرط عليه الا يخترق الدار الا في نفسين، وتقدم الى شاهد خادمه، وابن ابى عمرو حاجبه، ان يمشيا بين يديه.
فدخل معز الدولة ومعه الصيمرى وحاجبه ابو الحسن الخراسانى، فقال له الصيمرى بالفارسيه- واصحاب الخليفة لا يعرفونها: في اى موضع أنت حتى تسترسل؟ اما تعلم انه قد فتك في هذه الدار بألف امير ووزير! اليس لو وقف لنا عشره من الخدم في هذه الممرات الضيقه لأخذونا! فقال: صدقت، وان رجعنا الساعة، علم اننا قد فزعنا وخفنا، وضعفت هيبتنا، فقال الصيمرى: ادن منى، فان مائه من الخدم لا يقاوموننى.
فانتهوا الى دار فيها صنم من صخر، على صوره امراه، وبين يديها أصنام صغار، فسال عنها، فقيل: هذا حمل من بلدان الهند، وقد فتح في ايام المقتدر رحمه الله، وكان يعبد هناك، فقال: لو كان مكانه جاريه لاشتريتها بمائه الف دينار على قله رغبتي في الجوارى، واريد ان اطلبه من الخليفة فمنعه الصيمرى.
وما رجع الى معز الدولة عقله، حتى رجع الى طيارة، وقال: قد رايت محبتي للخليفة وثقتي به، ولو اراد بنا سوءا لكنا اليوم في قبضته، وتصدق بعشره آلاف درهم، شكرا لله على سلامته.
وفي هذه السنه قتل ابو الطيب المتنبى، وكان عند عضد الدولة بشيراز، فودعه بقصيدته التي نعى فيها نفسه، وقال فيها أشياء لم يقل في عقبها ان شاء الله، منها: