اى أدركت بلقائك المنى، الا ان اهلى يعيروننى كيف لم اشاركهم في ذلك-
وكل شريك في السرور بمصبحى ... ارى بعده من لا يرى مثله بعدي
اى كل من يشاركني في السرور بقدومى يرى ما افدتنيه.
فجد لي بقلب ان رحلت فاننى ... مخلف قلبي عند من فضله عندي
قال ابن الصابى: قيل ان مما نفق به ابن العميد على ركن الدولة، ان ركن الدولة اراد ان يحدث بناء بالري، واختار له موضعا، وكانت فيه شجره، ذات استداره عظيمه، وعروق نازله متشعبه، فقدر لقلعها واخراج عروقها جمله كثيره، ولم تقع ثقته بأنها تستأصل استئصالا قاطعا، فقال ابن العميد: انا اكفى الأمير هذه الكلفه، واقطع هذه الشجرة بعروقها بأهون شيء، في اقرب أمد، واقل عدد.
فاستبعد ذلك ركن الدولة، وقال من طريق الإزراء: افعل، فاستدعى حبالا وأوتادا وسلك هذا السلك المعروق في جر الثقيل، فلما رتب ما رتبه، ونصب ما نصبه، اقام نفرا قليلا حتى مدوا، ومنع ان يقف احد على جربان كثيره من الشجرة، بحسب ما قدره من وشوج أصولها ورسوخ عروقها.
ووقف ركن الدولة في موكبه ينظر، فما راعهم الا تزعزع الارض وانفتاحها وانقلاب قطعه كبيره منها، وسقوط الشجرة منسله بجميع عروقها، فتعجب ركن الدولة من ذلك، واستظرفه واستعظمه، ونظر الى ابى الفضل بعين الجلاله.
وهذا امر لا يعظم عند من يعرف الحيله فيه، والطريق المقصود اليه.
ومن شعر ابن العميد يذكر حال حبيب له بعد:
هبيه كما قال العذول هبيه ... اما آن ان تغضى العواذل فيه
دعيه ولا ترضى لإتلاف جسمه ... أفانين ان لم تفنه ستريه
إذ اعتلقت كفى خليلا تعرضت ... له نوب الأيام تسلبنيه
وفي شهر ربيع الاول وصل ابو الحسن على بن عمرو بن ميمون، وقد ثبتت وكالته عند القاضى ابى محمد بن معروف بن ابى تغلب، وتزوج له بنت عز الدولة