وحج ناس من كلب فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه فقال: ابلغوا اهلى هذه الأبيات، فانى اعلم انهم قد جزعوا على، وقال:
الكنى الى قومى وان كنت نائيا ... بانى قطين البيت عند المشاعر
فكفوا من الوجد الذى قد شجاكم ... ولا تعملوا في الارض نص الأباعر
فانى بحمد الله في خير اسره ... كرام معد كابرا بعد كابر
فانطلق الكلبيون، فاعلموا أباه، فقال: ابنى ورب الكعبه، ووصفوا له موضعه وعند من هو، فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل بفدائه، وقدما مكة فسألا عن النبي ص فقيل: هو في المسجد، فدخلا عليه، فقالا:
يا بن عبد الله يا بن عبد المطلب يا بن هاشم، يا بن سيد قومه: أنتم اهل حرم الله وجيرانه وعند بيته تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا، واحسن إلينا في فدائه فانا سنرفع لك في الفداء.
قال: من هو؟ قالوا زيد بن حارثة فقال رسول الله ص:
فهلا غير ذلك؟ قالوا: ما هو؟ قال: ادعوه فاخيره، فان اختاكم فهو لكما بغير فداء وان اختارني فو الله ما انا بالذي اختار على من اختارني أحدا، فقالا: قد زدتنا على النصف واحسنت، فدعاه فقال: تعرف هؤلاء؟ قال: نعم قال: من هما؟
قال: هذا ابى، وهذا عمى، قال: فانا من قد علمت وعرفت، ورايت صحبته لك فاخترنى او اخترهما، فقال زيد: ما انا بالذي اختار عليك أحدا أنت منى مكان الأب والعم، فقالا له: ويحك يا زيد! اتختار العبودية على الحرية، وعلى ابيك وعمك واهل بيتك! قال: نعم، انى قد رايت من هذا الرجل شيئا ما انا بالذي اختار عليه أحدا ابدا، فلما راى ذلك رسول الله ص اخرجه الى الحجر فقال: يا من حضر، اشهدوا ان زيدا ابنى، ارثه ويرثني، فلما راى ذلك أبوه وعمه طابت أنفسهما وانصرفا، فدعى زيد بن محمد حتى جاء الله عز وجل بالإسلام، حدثنى بذلك كله الحارث عن ابن سعد عن هشام بن محمد عن ابيه وعن جميل ابن مرثد الطائي وغيرهما.
وقد ذكر بعض الحديث عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عباس وقال في اسناده،