فعرض لها نفر من قريش فيهم هبار، فنخس بها، وقرع ظهرها بالرمح، وكانت حاملا فاسقطت فردت الى بيوت بنى عبد مناف وكان هبار بن الأسود عظيم الجرم في الاسلام، فاهدر دمه رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [فَكَانَ كلما بعث سريه اوصاهم بهبار وقال: ان ظفرتم به فاجعلوه بين جذمتين من حطب، وحرقوه بالنار، ثم يقول: انما يعذب بالنار رب النار، ان ظفرتم به فاقطعوا يديه ورجليه، ثم اقتلوه] .
قال ابو جعفر: وذكر محمد بن عمر ان واقد بن ابى ثابت حدثه عن يزيد بن رومان قال [قال الزبير بن العوام: ما رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث سريه قط الا قال: ان ظفرتم بهبار، فاقطعوا يديه ورجليه، ثم اضربوا عنقه،] فو الله لقد كنت اطلبه واسال عنه، والله يعلم لو ظفرت به قبل ان ياتى إلى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ لقتلته، ثم طلع عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وانا عنده جالس فجعل يعتذر الى رسول الله، ويقول: سب يا محمد من سبك، وآذ من آذاك، فقد كنت موضعا في سبك واذاك، وكنت مخذولا وقد نصرني الله عز وجل، وهداني الى الاسلام.
قال الزبير: فجعلت انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وانه ليطأطئ راسه استحياء منه، مما يعتذر هبار، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: قد عفوت عنك، والاسلام يجب ما كان قبله، وكان اشنا من احد، فَبَلَغَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلمه وما يحمل عليه من الأذى، فقال: يا هبار سب من سبك قال ابن عمر: وحدثنى هشام بن عمارة عن سعيد بن مُحَمَّد بن جبير بن مطعم، عن أبيه عن جده، قال: كنت جالسا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اصحابه في مسجده منصرفه من الجعرانة، فطلع هبار بن الأسود من باب رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا نظر القوم اليه، قالوا: يا رسول الله، هبار بن الأسود، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قد رايته فاراد بعض القوم القيام اليه، فاشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم ان اجلس، ووقف عليه هبار، فقال: يا رسول الله، السلام عليك، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد انك رسول الله، ولقد هربت منك في البلاد واردت اللحوق