للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا مَا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أَنَّهُ يَطْمِسُهَا وَيُحَوِّلُهَا قَمَرًا، فَإِنَّهُ دُونَ الشَّمْسِ فِي الْعِظَمِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يُرَى صِغَرُهُمَا مِنْ شِدَّةِ ارْتِفَاعِ السَّمَاءِ وَبُعْدِهَا مِنَ الأَرْضِ.

قَالَ: فَلَوْ تَرَكَ اللَّهُ الشَّمْسَيْنِ كَمَا كَانَ خَلَقَهُمَا فِي بَدْءِ الأَمْرِ لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ، وَلا النَّهَارُ مِنَ اللَّيْلِ، وَكَانَ لا يَدْرِي الأَجِيرُ إِلَى مَتَى يَعْمَلُ، وَمَتَى يَأْخُذُ أَجْرَهُ وَلا يَدْرِي الصَّائِمُ إِلَى مَتَى يَصُومُ، وَلا تَدْرِي الْمَرْأَةُ كَيْفَ تَعْتَدُّ، وَلا يَدْرِي الْمُسْلِمُونَ مَتَى وَقْتُ الْحَجِّ، وَلا يَدْرِي الدُّيَّانُ مَتَى تَحِلُّ دُيُونُهُمْ، وَلا يَدْرِي النَّاسُ مَتَى يَنْصَرِفُونَ لِمَعَايِشِهِمْ، وَمَتَى يَسْكُنُونَ لِرَاحَةِ أَجْسَادِهِمْ.

وَكَانَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ أَنْظَرَ لِعِبَادِهِ وَأَرْحَمَ بِهِمْ، فأرسل جبرئيل ع فَأَمَرَ جِنَاحه على وجه القمر- وهو يومئذ شمس- ثلاث مرات، فطمس عنه الضوء، وبقي فيه النور، فذلك قوله عز وجل: «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً» قال: فالسواد الذي ترونه في القمر شبه الخطوط فيه فهو أثر المحو ثم خلق الله للشمس عجلة من ضوء نور العرش لها ثلاثمائة وستون عروه، ووكل بالشمس وعجلتها ثلاثمائة وستين ملكا من الملائكة من أهل السماء الدنيا، قد تعلق كل ملك منهم بعروة من تلك العرا، ووكل بالقمر وعجلته ثلاثمائة وستين ملكا من الملائكة من أهل السماء، قد تعلق بكل عروه من تلك العرا ملك منهم.

ثم قال: وخلق الله لهما مشارق ومغارب في قطري الأرض وكنفي السماء ثمانين ومائة عين في المغرب، طينة سوداء، فذلك قوله عز وجل: «وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ» انما يعنى حماه سوداء من طين، وثمانين ومائة عين في

<<  <  ج: ص:  >  >>