حرير محشوة بالقز فالتمس ما كان يؤذيها، فإذا ورقة آس ملتزقة بعكنة من عكنها قد أثرت فيها قَالَ: وكان ينظر إلى مخها من لين بشرتها- فقال لها سابور: ويحك بأي شيء كان يغذوك أبوك؟ قالت: بالزبد والمخ وشهد الأبكار من النحل وصفو الخمر قَالَ: وأبيك لأنا أحدث عهدا بك، وآثر لك من أبيك الذي غذاك بما تذكرين فأمر رجلا فركب فرسا جموحا، ثم عصب غدائرها بذنبه، ثم استركضها فقطعها قطعا، فذلك قول الشاعر:
اقفر الحصن من نضيره فالمر ... باع منها فجانب الثرثار
وقد أكثر الشعراء ذكر ضيزن هذا في أشعارهم، وإياه عنى عدي بن زيد بقوله:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة ... تحبى اليه والخابور.
شاده مرمرا وجلله كلسا ... فللطير في ذراه وكور
لم يهبه ريب المنون فباد ... الملك عنه فبابه مهجور
ويقال إن سابور بنى بميسان شاذ سابور، التي تسمى بالنبطية ريما.
وفي أيام سابور ظهر ماني الزنديق، ويقال: إن سابور لما سار إلى موضع جندي سابور ليؤسسها صادف عندها شيخا يقال له بيل، فسأله: هل يجوز أن يتخذ في ذلك الموضع مدينة؟ فقال له بيل: إن ألهمت الكتابة مع ما قد بلغت من السن جاز أن يبنى في هذا الموضع مدينة فقال له سابور:
بل ليكن الأمران اللذان أنكرت كونهما فرسم المدينة وأسلم بيل إلى معلم، وفرض عليه تعليمه الكتاب والحساب في سنة، فخلا به المعلم وبدأ بحلق راسه