فأخبرته أنها ابنة مهرك، وأنها إنما فعلت ما فعلت إبقاء عليه من أردشير، فعاهدها على ستر أمرها، ووطئها فولدت هرمز، فستر أمره حتى أتت له سنون.
وإن أردشير ركب يوما، ثم انكفأ إلى منزل سابور لشيء أراد ذكره له، فدخل منزله مفاجأة، فلما استقر به القرار خرج هرمز، وقد ترعرع وبيده صولجان يلعب به وهو يصيح في اثر الكرة، فلما وقعت عين أردشير عليه أنكره، ووقف على المشابه التي فيه منهم، لأن الكية التي في آل أردشير كانت لا تخفى، ولا يذهب أمرهم على أحد، لعلامات كانت فيهم، من حسن الوجوه، وعبالة الخلق، وأمور كانوا بها مخصوصين في أجسامهم فاستدناه أردشير، وسأل سابور عنه، فخر مكفرا على سبيل الإقرار بالخطأ مما كان منه، وأخبر أباه حقيقة الخبر، فسر به، وأعلمه أنه قد تحقق الذي ذكر المنجمون في ولد مهرك، ومن يملك منهم، وأنهم إنما ذهبوا فيه إلى هرمز، إذ كان من نسل مهرك، وأن ذلك قد سلى ما كان في نفسه وأذهبه.
فلما هلك أردشير وأفضى الأمر إلى سابور ولى هرمز خراسان، وسيره إليها، فاستقل بالعمل، وقمع من كان يليه من ملوك الأمم، وأظهر تجبرا شديدا، فوشى به الوشاة إلى سابور، ووهموه أنه إن دعاه لم يجب، وأنه على أن يبتزه الملك، ونمت الأخبار بذلك إلى هرمز، فقيل: إنه خلا بنفسه، فقطع يده وحسمها، وألقى عليها ما يحفظها، وأدرجها في نفيس من الثياب، وصيرها في سفط، وبعث بها إلى سابور، وكتب إليه بما بلغه، وأنه إنما فعل ما فعل، إزالة للتهمة عنه، ولأن في رسمهم ألا يملكوا ذا عاهة فلما وصل الكتاب بما معه إلى سابور، تقطع أسفا، وكتب إليه بما ناله من الغم بما فعل، واعتذر، وأعلمه أنه لو قطع بدنه عضوا عضوا، لم يؤثر عليه أحدا بالملك.