فتناول بهرام بعد ذلك التاج والزينة، فكان كسرى أول من هتف به، وقال: عمرك الله بهرام! الذى من حوله سامعون، وله مطيعون، ورزقه ملك أقاليم الأرض السبعة ثم هتف به جميع الحضر، وقالوا: قد أذعنا للملك بهرام، وخضعنا له ورضينا به ملكا وأكثروا الدعاء له وإن العظماء وأهل البيوتات وأصحاب الولايات والوزراء لقوا المنذر بعد ذلك اليوم، وسألوه أن يكلم بهرام في التغمد لإساءتهم في أمره، والصفح والتجاوز عنهم، فكلم المنذر بهرام فيما سألوه من ذلك، واستوهبه ما كان احتمل عليهم في نفسه، فأسعفه بهرام فيما سأل، وبسط آمالهم.
وإن بهرام ملك وهو ابن عشرين سنة، وأمر من يومه ذلك أن يلزم رعيته راحة ودعة، وجلس للناس بعد ذلك سبعة أيام متوالية، يعدهم الخير من نفسه، ويأمرهم بتقوى الله وطاعته.
ثم لم يزل بهرام حيث ملك مؤثرا للهو على ما سواه، حتى كثرت ملامة رعيته إياه على ذلك، وطمع من حوله من الملوك في استباحة بلاده، والغلبة على ملكه، وكان أول من سبق إلى المكاثرة له عليه خاقان ملك الترك، فإنه غزاه في مائتين وخمسين ألف رجل من الترك، فبلغ الفرس اقبال خاقان في جمع عظيم إلى بلادهم، فتعاظمهم ذلك وهالهم، ودخل عليه من عظمائهم أناس لهم رأي أصيل، وعندهم نظر للعامة، فقالوا له: إنه قد ازمك أيها الملك من بائقة هذا العدو ما قد شغلك عما أنت عليه من اللهو والتلذذ، فتأهب له كيلا يلحقنا منه أمر يلزمك فيه مسبة وعار فقال لهم بهرام: إن الله ربنا قوي ونحن أولياؤه ولم يزدد إلا مثابرة على اللهو والتلذذ والصيد.
وانه تجهز فسار الى اذربيجان لينسك في بيت نارها، ويتوجه منها إلى