للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبى إلا ركوب رأيه، وكان فيمن نهاه عن ذلك رجل كان يخصه ويجتبي رأيه، يقال له مزدبوذ، فلما رأى مزدبوذ لجاجته، كتب ما دار بينهما في صحيفة، وسأله الختم عليها، ومضى فيروز لوجهه نحو بلاد اخشنوار، وقد كان اخشنوار حفر خندقا بينه وبين بلاد فيروز عظيما، فلما انتهى إليه فيروز عقد عليه القناطر، ونصب عليها رايات جعلها أعلاما له ولأصحابه في انصرافهم، وجاز الى القوم، فلما التقى بعسكرهم احتج عليه اخشنوار بالكتاب الذي كتبه له، ووعظه بعهده وميثاقه، فأبى فيروز إلا لجاجا ومحكا وتواقفا، فكلم كل واحد منهما صاحبه كلاما طويلا، ونشبت بينهما بعد ذلك الحرب، وأصحاب فيروز على فتور من أمرهم، للعهد الذي كان بينهم وبين الهياطلة، وأخرج اخشنوار الصحيفة التي كتبها له فيروز، فرفعها على رمح وقال: اللهم خذ بما في هذا الكتاب فانهزم فيروز وسها عن موضع الرايات، وسقط في الخندق، فهلك، وأخذ اخشنوار أثقال فيروز ونساءه وأمواله ودواوينه، وأصاب جند فارس شيء لم يصبهم مثله قط وكان بسجستان رجل من أهل كورة اردشير خرة من الأعاجم، ذو علم وبأس وبطش، يقال له: سوخرا، ومعه جماعة من الاساورة، فلما بلغه خبر فيروز ركب من ليلته، فأغذ السير حتى انتهى إلى اخشنوار، فأرسل إليه وآذنه بالحرب، وتوعده بالجائحة والبوار، فبعث إليه اخشنوار جيشا عظيما فلما التقوا ركب إليهم سوخرا فوجدهم مدلين، فيقال: إنه رمى بعض من ورد عليه منهم رمية فوقعت بين عيني فرسه حتى كادت النشابة تغيب في رأسه، فسقط الفرس وتمكن سوخرا من راكبه، فاستبقاه وقال له:

انصرف إلى صاحبك فأخبره بما رايت، فانصرفوا الى اخشنوار، وحملوا الفرس معهم، فلما رأى أثر الرمية بهت وأرسل إلى سوخرا: أن سل حاجتك، فقال له: حاجتي أن ترد علي الديوان، وتطلق الأسرى ففعل ذلك، فلما صار الديوان في يده، واستنفذ الأسرى، استخرج من الديوان بيوت الأموال التي كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>