للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستكرهها، لأن جل محاربة الترك إنما هو بالخداع والمكر والمكايدة، وإن اخشنوار أمر فحفر خلف عسكره خندق عرضه عشرة أذرع، وعمقه عشرون ذراعا، وغمى بخشب ضعاف، وألقى عليه ترابا، ثم ارتحل في جنده، فمضى غير بعيد، فبلغ فيروز رحلة اخشنوار بجنده من عسكره، فلم يشك في أن ذلك منهم انكشاف وهرب، فأمر بضرب الطبول، وركب في جنده في طلب اخشنوار وأصحابه، فأغذوا السير، وكان مسلكهم على ذلك الخندق فلما بلغوه اقحموا على عماية، فتردى فيه فيروز وعامة جنده، وهلكوا من عند آخرهم.

وإن اخشنوار عطف على عسكر فيروز، فاحتوى على كل شيء فيه، وأسر موبذان موبذ، وصارت فيروز دخت ابنة فيروز فيمن صار في يده من نساء فيروز، وامر اخشنوار فاستخرجت جثة فيروز وجثة كل من سقط معه في ذلك الخندق، فوضعت في النواويس، ودعا اخشنوار فيروز دخت إلى أن يباشرها، فأبت عليه.

وأن خبر هلاك فيروز سقط إلى بلاد فارس، فارتجوا له وفزعوا، حتى إذا استقرت حقيقة خبره عند سوخرا تأهب وسار في عظم من كان قبله من الجند إلى بلاد الهياطلة فلما بلغ جرجان بلغ اخشنوار خبر مسيره لمحاربته، فاستعد وأقبل متلقيا له، وأرسل إليه يستخبره عن خبره، ويسأله عن اسمه ومرتبته، فأرسل أنه رجل يقال له سوخرا، ولمرتبته قارن، وأنه إنما سار إليه لينتقم منه لفيروز، فأرسل إليه اخشنوار يقول: إن سبيلك في الأمر الذي قدمت له كسبيل فيروز إذ لم يعقبه في كثرة جنوده من محاربته إياي إلا الهلكة والبوار.

فلم ينهنه سوخرا قول اخشنوار، ولم يعبأ به، وأمر جنوده فاستعدوا وتسلحوا، وزحف إلى اخشنوار لشدة إقدامه وحدة قلبه، فطلب موادعته وصلحه،

<<  <  ج: ص:  >  >>