واستوثق له أمر الملك خص سوخرا، وفوض إليه أمره، وشكر له ما كان من خدمة ابنه إياه، ووجه الجنود إلى الأطراف، ففتكوا في الأعداء، وسبوا سبايا كثيرة، وبني بين الأهواز وفارس مدينة الرجان، وبنى أيضا مدينة حلوان، وبنى بكورة اردشير خرة في ناحيه كارزين مدينة يقال لها قباذ خرة، وذلك سوى مدائن وقرى أنشأها، وسوى أنهار احتفرها، وجسور عقدها.
فلما مضت أكثر أيامه، وتولى سوخرا تدبير ملكه وسياسة أموره مال الناس عليه، وعاملوه واستخفوا بقباذ، وتهاونوا بأمره، فلما احتنك لم يحتمل ذلك، ولم يرض به، وكتب إلى سابور الرازي- الذي يقال للبيت الذي هو منه مهران، وكان إصبهبذ البلاد- في القدوم عليه فيمن قبله من الجند، فقدم سابور بهم عليه، فواصفه قباذ حالة سوخرا، وأمره بأمره فيه، فغدا سابور على قباذ فوجد عنده سوخرا جالسا، فمشى نحو قباذ متجاوزا له متغافلا لسوخرا، فلم يأبه سوخرا لذلك من أرب سابور، حتى ألقى وهقا كان معه في عنقه، ثم اجتذبه فأخرجه فأوثقه واستودعه السجن، فحينئذ قيل: نقصت ريح سوخرا وهبت لمهران ريح، وذهب ذلك مثلا وأن قباذ أمر بعد ذلك بقتل سوخرا فقتل، وأنه لما مضى لملك قباذ عشر سنين اجتمعت كلمة موبذان موبذ والعظماء على إزالته عن ملكه، فأزالوه عنه وحبسوه، لمتابعته لرجل يقال له مزدك مع أصحاب له قَالُوا: إن الله إنما جعل الأرزاق في الأرض ليقسمها العباد بينهم بالتآسي، ولكن الناس تظالموا فيها، وزعموا أنهم يأخذون للفقراء من الأغنياء، ويردون من المكثرين على المقلين، وانه من كان عنده فضل من الأموال والنساء والأمتعة فليس هو بأولى به من غيره، فافترص السفلة ذلك واغتنموه، وكانفوا مزدك وأصحابه وشايعوهم، فابتلى الناس بهم، وقوي أمرهم حتى كانوا يدخلون على الرجل في داره فيغلبونه على منزله