العرب قد أغاروا، وأنه يحب لقاءه فلقيه، فقال له قباذ: لقد صنعت صنيعا ما صنعه أحد قبلك، فقال له الحارث: ما فعلت ولا شعرت، ولكنها لصوص من لصوص العرب، ولا أستطيع ضبط العرب إلا بالمال والجنود، قَالَ له قباذ:
فما الذي تريد؟ قَالَ: أريد أن تطعمني من السواد ما اتخذ به سلاحا، فأمر له بما يلي جانب العرب من أسفل الفرات، وهي ستة طساسيج، فأرسل الحارث بن عمرو الكندي إلى تبع وهو باليمن: انى قد طمعت في ملك الأعاجم، وقد أخذت منه ستة طساسيج، فاجمع الجنود وأقبل فإنه ليس دون ملكهم شيء لان الملك عليهم لا يأكل اللحم، ولا يستحل هراقة الدماء لأنه زنديق فجمع تبع الجنود، وسار حتى نزل الحيرة وقرب من الفرات، فآذاه البق، فأمر الحارث بن عمرو أن يشق له نهرا إلى النجف ففعل، وهو نهر الحيرة فنزل عليه ووجه ابن أخيه شمرا ذا الجناح إلى قباذ، فقاتله فهزمه شمر حتى لحق بالري، ثم أدركه بها فقتله، وأمضى تبع شمرا ذا الجناح إلى خراسان، ووجه تبع ابنه حسان إلى الصغد، وقال:
أيكما سبق إلى الصين فهو عليها وكان كل واحد منهما في جيش عظيم، يقال: كانا في ستمائه الف واربعين ألفا وبعث ابن أخيه يعفر الى الروم، وهو الذى يقول:
أيا صاح عجبك للداهية ... لحمير إذ نزلوا الجابية!
ثمانون ألفا رواياهمو ... لكل ثمانية راويه
فسار يعفر حتى أتى القسطنطينية، فأعطوه الطاعة والإتاوة، ثم مضى إلى رومية وبينهما مسيرة أربعة أشهر، فحاصرها وأصاب من معه جوع، ووقع فيهم طاعون فرقوا، فأبصرهم الروم وما لقوا، فوثبوا عليهم فقتلوهم، فلم يفلت منهم أحد وسار شمر ذو الجناح حتى أتى سمرقند، فحاصرها