وحشة ولا فقد شيء أجل رزيئة عند العامة، ولا أحرى أن تعم به البلية من فقد ملك صالح.
وإن كسرى لما استحكم له الملك أبطل ملة رجل منافق من أهل فسا يقال له: زراذشت بن خركان ابتدعها في المجوسية، فتابعه الناس على بدعته تلك، وفاق أمره فيها، وكان ممن دعا العامة إليها رجل من أهل مذرية يقال له: مزدق بن بامداذ، وكان مما أمر به الناس وزينه لهم وحثهم عليه، التآسي في أموالهم وأهليهم، وذكر أن ذلك من البر الذى يرضاه الله ويثيب عليه أحسن الثواب، وإنه لو لم يكن الذي أمرهم به، وحثهم عليه من الدين كان مكرمة في الفعال، ورضا في التفاوض فحض بذلك السفلة على العلية، واختلط له أجناس اللؤماء بعناصر الكرماء، وسهل السبيل للغصبة إلى الغصب، وللظلمة إلى الظلم، وللعهار إلى قضاء نهمتهم، والوصول إلى الكرائم اللائي لم يكونوا يطمعون فيهن، وشمل الناس بلاء عظيم لم يكن لهم عهد بمثله فنهى الناس كسرى عن السيرة بشيء مما ابتدع زراذشت خركان، ومزدق بن بامداذ، وأبطل بدعتهما، وقتل بشرا كثيرا ثبتوا عليها، ولم ينتهوا عما نهاهم عنه منها، وقوما من المنانية، وثبت للمجوس ملتهم التي لم يزالوا عليها.
وكان يلى الاصبهبذه- وهي الرياسة على الجنود- قبل ملكه رجل، وكان إليه إصبهبذة البلاد، ففرق كسرى هذه الولاية والمرتبة بين اربعه اصبهذين، منهم اصبهذ المشرق وهو خراسان وما والاها، واصبهذ المغرب، واصبهذ نيمروز، وهي بلاد اليمن، واصبهذ اذربيجان وما والاها، وهي