جنوده بأرض الروم، بعد أن أذعن له قيصر وحمل إليه الفدية، ثم انصرف من الروم، فأخذ نحو الخزر فأدرك فيهم تبله، وما كانوا وتروه به في رعيته ثم انصرف نحو عدن، فسكر ناحية من البحر هناك بين جبلين مما يلي أرض الحبشة بالسفن العظام والصخور وعمد الحديد والسلاسل وقتل عظماء تلك البلاد.
ثم انصرف إلى المدائن، وقد استقام له ما دون هرقلة من بلاد الروم وأرمينية، وما بينه وبين البحرين من ناحية عدن.
وملك المنذر بن النعمان على العرب وأكرمه، ثم أقام في ملكه بالمدائن، وتعاهد ما كان يحتاج إلى تعاهده ثم سار بعد ذلك إلى الهياطلة مطالبا بوتر فيروز جده- وقد كان أنوشروان صاهر خاقان قبل ذلك- فكتب إليه قبل شخوصه يعلمه ما عزم عليه، ويأمره بالمسير إلى الهياطلة فأتاهم، فقتل ملكهم، واستأصل أهل بيته وتجاوز بلخ وما وراءها، وأنزل جنوده فرغانة.
ثم انصرف من خراسان، فلما صار بالمدائن وافاه قوم يستنصرونه على الحبشة، فبعث معهم قائدا من قواده في جند من أهل الديلم وما يليها، فقتلوا مسروقا الحبشي باليمن، وأقاموا بها.
ولم يزل مظفرا منصورا تهابه جميع الأمم، ويحضر بابه من وفودهم عدد كثير من الترك والصين والخزر ونظرائهم، وكان مكرما للعلماء.
وملك ثمانيا وأربعين سنة، وكان مولد النبي ص في آخر ملك أنوشروان.
قَالَ هشام: وكان ملك أنوشروان سبعا وأربعين سنة قَالَ: وفي زمانه ولد عبد الله بن عبد المطلب ابو رسول الله ص، في سنة اثنتين وأربعين من سلطانه