للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيد سامى الملوك ومن ... يغز عمرا لا يجد قدره

وقال رجل من الأنصار، يذكر امتناعهم من تبع:

تكلفني من تكاليفها ... نخيل الأساويف والمنصعة

نخيلا حمتها بنو مالك ... خيول أبي كرب المفظعة

قَالَ: وكان تبع وقومه أصحاب أوثان يعبدونها، فوجه إلى مكة- وهي طريقه إلى اليمن- حتى إذا كان بالدف من جمدان بين عسفان وأمج، في طريقه بين مكة والمدينة، أتاه نفر من هذيل، فقالوا له: أيها الملك، ألا ندلك على بيت مال داثر، قد أغفلته الملوك قبلك، فيه اللؤلؤ والزبرجد والياقوت والذهب والفضة؟ قَالَ: بلى قالوا: بيت بمكة يعبده أهله، ويصلون عنده وإنما يريد الهذليون بذلك هلاكه لما قد عرفوا من هلاك من أراده من الملوك وبغى عنده.

فلما اجمع لما قَالُوا، أرسل إلى الحبرين، فسألهما عن ذلك، فقالا له:

ما أراد القوم إلا هلاكك وهلاك جندك، ولئن فعلت ما دعوك إليه لتهلكن وليهلكن من معك جميعا، قَالَ: فماذا تأمرانني أن أصنع إذا قدمت عليه؟

قالا: تصنع عنده ما يصنع أهله، تطوف به وتعظمه وتكرمه، وتحلق عنده رأسك وتتذلل له حتى تخرج من عنده قَالَ: فما يمنعكما أنتما من ذلك؟

قالا: أما والله إنه لبيت أبينا إبراهيم، وإنه لكما أخبرناك، ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوا حوله، وبالدماء التي يهريقون عنده، وهم نجس أهل شرك أو كما قالا له.

فعرف نصحهما وصدق حديثهما، فقرب النفر من هذيل، فقطع أيديهم وأرجلهم ثم مضى حتى قدم مكة، وأري في المنام أن يكسو البيت،

<<  <  ج: ص:  >  >>