للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتلته الأقيال من خشية الجيش ... وقالوا له لباب لباب

ميتكم خيرنا وحيكم ... رب علينا وكلكم اربابى

فلما نزل عمرو بن تبان أسعد أبي كرب اليمن منع منه النوم، وسلط عليه السهر- فيما يزعمون- فجعل لا ينام، فلما جهده ذلك جعل يسأل الأطباء والحزاة من الكهان والعرافين عما به، ويقول: منع مني النوم فلا اقدر عليه، وقد جهدنى السهر، فقال له قائل منهم: والله ما قتل رجل أخاه قط أو ذا رحم بغيا على مثل ما قتلت عليه أخاك إلا ذهب نومه، وسلط عليه السهر، فلما قيل له ذلك، جعل يقتل كل من كان أمره بقتل أخيه حسان من أشراف حمير وقبائل اليمن، حتى خلص إلى ذي رعين، فلما أراد قتله قَالَ: إن لي عندك براءة مما تريد أن تصنع بي، قَالَ له: وما براءتك عندي؟

قال: اخرج الكتاب الذى كنت استودعتكه ووضعته عندك، فأخرج له الكتاب، فإذا فيه ذانك البيتان من الشعر:

ألا من يشتري سهرا بنوم ... سعيد من يبيت قرير عين

فإما حمير غدرت وخانت ... فمعذرة الإله لذي رعين

فلما قرأهما عمرو قَالَ له ذو رعين: قد كنت نهيتك عن قتل أخيك فعصيتني، فلما أبيت علي وضعت هذا الكتاب عندك حجة لي عليك، وعذرا لي عندك، وتخوفت أن يصيبك إن أنت قتلته الذي أصابك، فإن أردت بي ما أراك تصنع بمن كان أمرك بقتل أخيك، كان هذا الكتاب نجاة لي عندك، فتركه عمرو بن تبان أسعد فلم يقتله من بين أشراف حمير، ورأى أن قد نصحه لو قبل منه نصيحته وقال عمرو بن تبان أسعد حين قتل من قتل من حمير وأهل اليمن ممن كان أمره بقتل أخيه حسان، فقال:

شرينا النوم إذ عصبت علاب ... بتسهيد وعقد غير مين

تنادوا عند غدرهم: لباب ... وقد برزت معاذر ذي رعين

قتلنا من تولى المكر منهم ... بواء بابن رهم غير دين

<<  <  ج: ص:  >  >>