صناعاته، يقال له: براز، رقة منه لذلك السبي، إرادة أن يستأنسوا ببراز لحال ملته، ويسكنوا إليه وأما سائر مدن الشام ومصر فإن يخطيانوس ابتاعها من كسرى بأموال عظيمة حملها إليه، وضمن له فدية يحملها إليه في كل سنه على الا يغزو بلاده، وكتب لكسرى بذلك كتابا، وختم هو وعظماء الروم عليه، فكانوا يحملونها إليه في كل عام.
وكان ملوك فارس يأخذون من كور من كورهم قبل ملك كسرى أنوشروان في خراجها الثلث، ومن كور الربع، ومن كور الخمس، ومن كور السدس، على قدر شربها وعمارتها، ومن جزية الجماجم شيئا معلوما، فأمر الملك قباذ بن فيروز في آخر ملكه بمسح الارض، سهلها وجبلها ليصح الخراج عليها، فمسحت، غير أن قباذ هلك قبل أن يستحكم له أمر تلك المساحة، حتى إذا ملك ابنه كسرى أمر باستتمامها وإحصاء النخل والزيتون والجماجم، ثم أمر كتابه فاستخرجوا جمل ذلك، وأذن للناس إذنا عاما، وأمر كاتب خراجه أن يقرأ عليهم الجمل التي استخرجت من أصناف غلات الأرض، وعدد النخل والزيتون والجماجم، فقرأ ذلك عليهم، ثم قَالَ لهم كسرى:
إنا قد رأينا أن نضع على ما أحصي من جربان هذه المساحة من النخل والزيتون والجماجم وضائع، ونأمر بانجامها في السنه في ثلاثة انجم، ونجمع في بيوت أموالنا من الأموال ما لو أتانا عن ثغر من ثغورنا، أو طرف من أطرافنا فتق أو شيء نكرهه، واحتجنا إلى تداركه أو حسمه ببذلنا فيه مالا، كانت الأموال عندنا معدة موجودة، ولم نرد استئناف اجتبائها على تلك الحال.
فما ترون فيما رأينا من ذلك وأجمعنا عليه؟
فلم يشر عليه أحد منهم فيه بمشورة، ولم ينبس بكلمة، فكرر كسرى هذا القول عليهم ثلاث مرات فقام رجل من عرضهم وقال لكسرى: أتضع أيها الملك- عمرك الله- الخالد من هذا الخراج على الفاني من كرم يموت، وزرع يهيج، ونهر يغور، وعين أو قناة ينقطع ماؤها! فقال له كسرى: يا ذا الكلفه