جريب ارض مزارع حنطه او شعير قفيزا من حنطة إلى القفيزين، ورزق منه الجند ولم يخالف عمر بالعراق خاصة وضائع كسرى على جربان الأرض وعلى النخل والزيتون والجماجم، وألغى ما كان كسرى ألغاه من معايش الناس.
وأمر كسرى فدونت وضائعه نسخا، فاتخذت نسخة منها في ديوانه قبله، ودفعت نسخة إلى عمال الخراج، ليجتبوا خراجهم عليها، ونسخة إلى قضاة الكور، وأمر القضاة أن يحولوا بين عمال الكور والزيادة على أهل الخراج فوق ما في الديوان الذي دفعت إليه نسخته، وأن يرفعوا الخراج عن كل من أصاب زرعه أو شيئا من غلاته آفة بقدر مبلغ تلك الآفة، وعمن هلك من أهل الجزية أو جاوز خمسين سنة، ويكتبوا إليه بما يرفعون من ذلك، ليأمر بحسبه للعمال، والا يخلوا بين العمال وبين اجتباء من أتي له دون عشرين سنة.
وكان كسرى ولى رجلا من الكتاب- نابها بالنبل والمروءة والغناء والكفاية، يقال له بابك بن البيروان- ديوان المقاتلة، فقال لكسرى: إن أمري لا يتم إلا بإزاحة علتي في كل ما بي إليه الحاجة من صلاح أمر الملك في جنده.
فأعطاه ذلك، فأمر بابك فبنيت له في الموضع الذي كان يعرض فيه الجند مصطبة وفرش له عليها بساط سوسنجرد ونمط صوف فوقه، ووضعت له وسائد لتكأته، ثم جلس على ما فرش له، ثم نادى مناديه في شاهد عسكر كسرى من الجند أن يحضره الفرسان على كراعهم وأسلحتهم والرجالة على ما يلزمهم من السلاح، فاجتمع إليه الجند على ما أمرهم أن يحضروه عليه، ولم يعاين كسرى فيهم، فأمرهم بالانصراف، ونادى مناديه في اليوم الثاني بمثل ذلك، فاجتمع إليه الجند فلما لم ير كسرى فيهم أمرهم أن ينصرفوا، ويغدوا إليه، وأمر مناديه أن ينادي في اليوم الثالث: ألا يتخلف عنه من شاهد العسكر أحد، ولا من أكرم بتاج وسرير، فإنه عزم لا رخصة فيه ولا محاباة فبلغ ذلك كسرى، فوضع تاجه على رأسه وتسلح بسلاح المقاتلة، ثم اتى بابك