بموبذان موبذ، فقال: إنه بلغنا تساقط هذه السباع إلى بلادنا، وقد تعاظم الناس ذلك، فتعجبنا من استعظامهم أمرها لهوانها، فأخبرنا برأيك في ذلك.
فقال له موبذان موبذ: فإني سمعت أيها الملك- عمرك الله- فقهاءنا يقولون: متى لا يغمر في بلدة العدل الجور، ويمحق، بلي أهلها بغزو أعدائهم لهم، وتساقط إليهم ما يكرهون، وقد تخوفت أن يكون تساقط هذه السباع إلى بلادك لما أعلمتك من هذا الخطب فلم يلبث كسرى أن تناهى إليه أن فتيانا من الترك قد غزوا أقصى بلاده، فأمر وزراءه وأصحاب أعماله ألا يتعدوا فيما هم بسبيله العدل، ولا يعملوا في شيء منه إلا به، فصرف الله لما جرى من العدل ذلك العدو عن بلاده من غير أن يكون حاربهم، أو كلف مئونة في أمرهم.
وكان لكسرى أولاد متأدبون، فجعل الملك من بعده لهرمز ابنه الذي كانت أمه ابنة خاتون وخاقان لمعرفة كسرى إياه بالاقتصاد والأخذ بالوثيقة وما رجا بذلك من ضبط هرمز الملك وقدرته على تدبير الملك ورعيته ومعاملتهم.
وكان مولد رسول الله ص في عهد كسرى أنوشروان، عام قدم أبرهة الأشرم أبو يكسوم مع الحبشة إلى مكة، وساق فيه إليها الفيل، يريد هدم بيت الله الحرام، وذلك لمضي اثنتين وأربعين سنة من ملك كسرى انوشروان وفي هذا العام كان يوم جبلة، وهو يوم من أيام العرب مذكور