للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرهما من الوجوه حتى وقف على شاطئ النهروان، فلما عرف بهرام مكانه، ركب برذونا له أبلق كان معجبا به، وأقبل حاسرا ومعه إيزدجشنس وثلاثة نفر من قرابة ملك الترك كانوا جعلوا لبهرام على أنفسهم أن يأتوه بأبرويز أسيرا، وأعطاهم بهرام على ذلك أموالا عظيمة ولما رأى بهرام بزة كسرى وزينته والتاج، يسايره معه درفش كابيان علمهم الأعظم منشورا، وأبصر بندويه وبسطام وسائر العظماء وحسن تسلحهم وفراهة دوابهم، اكتأب لذلك، وقال لمن معه: ألا ترون ابن الفاعلة قد ألحم وأشحم، وتحول من الحداثة إلى الحنكة، واستوت لحيته وكمل شبابه، وعظم بدنه! فبينا هو يتكلم بهذا وقد وقف غلى شاطئ النهروان.

إذ قَالَ كسرى لبعض من كان واقفا: أي هؤلاء بهرام؟ فقال أخ لبهرام يسمى كردي لم يزل مطيعا لأبرويز مؤثرا له: عمرك الله! صاحب البرذون الأبلق فبدأ كسرى فقال: إنك يا بهرام ركن لمملكتنا وسناد لرعيتنا، وقد حسن بلاؤك عندنا، وقد رأينا أن نختار لك يوما صالحا لنوليك فيه إصبهبذة بلاد الفرس جميعا، فقال له بهرام- وازداد من كسرى قربا-: لكني أختار لك يوما أصلبك فيه فامتلأ كسرى حزنا من غير أن يبدو في وجهه من ذلك شيء، وامتد بينهما الكلام، فقال بهرام لأبرويز: يا بن الزانية المربى في خيام الأكراد! هذا ومثله، ولم يقبل شيئا مما عرضه عليه، وجرى ذكر إيرش جد بهرام، فقرعه أبرويز بطاعة إيرش كانت لمنوشهر جده وتفرقا وكل واحد منهما على غاية الوحشة لصاحبه.

وكانت لبهرام أخت يقال لها كردية، من أتم النساء وأكملهن، وكان تزوجها، فعاتبت بهرام على سوء ملافظته كانت لكسرى، وأرادته على الدخول في طاعته، فلم يقبل ذلك، وكانت بين كسرى وبهرام مبايتة، فيقال إنه لما كان من غد الليلة التي كان البيات فيها، أبرز كسرى نفسه، فلما رآه الأتراك الثلاثة قصدوه، فقتلهم بيده أبرويز، وحرض الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>