فلما أخرجوه، جمع كهانه وسحاره ومنجميه، فقتل منهم قريبا من مائة، وقال سمنتكم وأدنيتكم دون الناس، وأجريت عليكم أرزاقي، ثم تلعبون بي! فقالوا: أيها الملك، أخطأنا كما أخطأ من كان قبلنا، ولكنا سنحسب لك حسابا فتثبت حتى تضعها على الوثاق من السعود قَالَ: انظروا ما تقولون! قَالُوا: فإنا نفعل، قَالَ: فاحسبوا، فحسبوا له، ثم قَالُوا له:
ابنه، فبنى وأنفق من الأموال ما لا يدرى ما هو، ثمانية أشهر من ذي قبل ثم قَالُوا: قد فرغنا، قَالَ: أفأخرج فأقعد عليها؟ قَالُوا: نعم، فهاب الجلوس عليها، وركب برذونا له، وخرج يسير عليها، فبينا هو يسير فوقها إذ انتسفته دجلة بالبنيان، فلم يدرك إلا بآخر رمق، فدعاهم فقال: والله لأمرن على آخركم ولأنزعن أكتافكم، ولأطرحنكم تحت أيدي الفيلة أو لتصدقني ما هذا الأمر الذي تلفقون علي! قَالُوا: لا نكذبك أيها الملك، أمرتنا حين انخرقت عليك دجلة، وانقصمت عليك طاق مجلسك من غير ثقل أن ننظر في علمنا لم ذلك! فنظرنا، فأظلمت علينا الأرض وأخذ علينا بأقطار السماء، فتردد علينا علمنا في أيدينا، فلا يستقيم لساحر سحره، ولا لكاهن كهانته، ولا لمنجم علم نجومه، فعرفنا أن هذا الأمر حدث من السماء، وأنه قد بعث نبي أو هو مبعوث، فلذلك حيل بيننا وبين علمنا، فخشينا إن نعينا لك ملكك أن تقتلنا، وكرهنا من الموت ما يكره الناس، فعللناك عن أنفسنا بما رأيت قَالَ: ويحكم! فهلا تكونون بينتم لي هذا فأرى فيه رأيي! قَالُوا: منعنا من ذلك ما تخوفنا منك فتركهم ولها عن دجلة حين غلبته.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الفضل ابن عِيسَى الرَّقَاشِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، [أَنَّ أَصْحَابَ رسول الله ص قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى كِسْرَى فِيكَ! قَالَ: بَعَثَ