المنذر بن المنذر، وهم رجال، فقال: ابعث إليهم، فكتب فيهم فقدموا عليه، فأنزلهم على عدي بن زيد فكان عدي يفضل إخوة النعمان عليه في النزل، وهو يريهم أنه لا يرجوه ويخلو بهم رجلا رجلا، ويقول لهم: ان سألكم الملك: اتكفوني العرب؟ فقولوا: نكفيكهم إلا النعمان، وقال للنعمان:
إن سألك الملك: عن إخوتك فقل له: إن عجزت عنهم، فأنا عن غيرهم أعجز.
وكان من بني مرينا رجل يقال له عدي بن أوس بن مرينا، وكان ماردا شاعرا، وكان يقول للأسود بن المنذر: إنك قد عرفت أني لك راج، وأن طلبتي ورغبتي إليك أن تخالف عدي بن زيد، فإنه والله لا ينصح لك أبدا فلم يلتفت إلى قوله.
فلما أمر كسرى عدي بن زيد أن يدخلهم عليه، جعل يدخلهم عليه رجلا رجلا، فيكلمه، فكان يرى رجالا قلما رأى مثلهم، فإذا سألهم:
هل تكفونني ما كنتم تلون؟ قالوا: نكفيك العرب إلا النعمان فلما دخل عليه النعمان رأى رجلا دميما فكلمه، وقال له: أتستطيع أن تكفيني العرب؟
قال: نعم: قال، فكيف تصنع بإخوتك؟ قال: إن عجزت عنهم فأنا عن غيرهم أعجز فملكه وكساه، وألبسه تاجا قيمته ستون ألف درهم، فيه اللؤلؤ والذهب مفلما خرج- وقد ملك- قال عدي بن أوس بن مرينا للأسود:
دونك فإنك قد خالفت الرأي ثم إن عدي بن زيد صنع طعاما في بيعة، ثم أرسل إلى ابن مرينا أن ائتني بمن أحببت، فإن لي حاجة، فأتاه في ناس فتغدوا في البيعة، وشربوا، فقال: عدي بن زيد لعدي بن مرينا: يا عدي، إن أحق من عرف الحق ثم لم يلم عليه، من كان مثلك، إني قد عرفت أن صاحبك الأسود بن المنذر كان أحب إليك أن يملك من صاحبي النعمان، فلا تلمني على شيء كنت على مثله، وأنا أحب ألا تحقد علي شيئا لو قدرت