للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صناع الكفين، قطيعة اللسان، رهوة الصوت، تزين البيت، وتشين العدو، إن أردتها اشتهت، وإن تركتها انتهت، تحملق عيناها، وتحمر وجنتاها، وتذبذب شفتاها، وتبادرك الوثبة، ولا تجلس إلا بأمرك إذا جلست/.

فقبلها كسرى، وأمر بإثبات هذه الصفة في دواوينه، فلم يزالوا يتوارثونها حتى أفضى ذلك إلى كسرى بن هرمز، فقرأ عليه زيد هذه الصفة، فشق عليه، فقال لزيد- والرسول يسمع: أما في عين السواد وفارس ما تبلغون حاجتكم! فقال الرسول لزيد: ما العين؟ قال: البقر، فقال زيد للنعمان: إنما أراد كرامتك، ولو علم أن هذا يشق عليك لم يكتب إليك به.

فأنزلهما يومين، ثم كتب إلى كسرى: إن الذي طلب الملك ليس عندي، وقال لزيد: اعذرني عنده، فلما رجع إلى كسرى، قال زيد للرسول الذى جاء معه: اصدق الملك الذي سمعت منه، فإني سأحدثه بحديثك ولا أخالفك فيه فلما دخلا على كسرى، قال زيد: هذا كتابه، فقرأه عليه، فقال له كسرى: فأين الذي كنت خبرتني به؟ قال: قد كنت أخبرتك بضنهم بنسائهم على غيرهم، وأن ذلك من شقائهم واختيارهم الجوع والعري على الشبع والرياش، واختيارهم السموم والرياح على طيب أرضك هذه، حتى إنهم ليسمونها السجن، فسل هذا الرسول الذي كان معي عن الذي قال، فإني أكرم الملك عن الذي قال ورد عليه أن أقوله، فقال للرسول: وما قال؟ قال:

أيها الملك، أما في بقر السواد وفارس ما يكفيه حتى يطلب ما عندنا!

<<  <  ج: ص:  >  >>