بينهم وبين براح ذلك الموضع، فأقبلوا به، ودخل مدينة بهرسير ليلا، فخلى عمن كان في سجونها، وخرج من كان فيها، واجتمع إليه الفل الذين كان كسرى أجمع على قتلهم، فنادوا قباذ شاهنشاه، وصاروا حين أصبحوا إلى رحبة كسرى، فهرب من كان في قصره من حرسه، وانحاز كسرى بنفسه إلى باغ له قريب من قصره، ويدعى باغ الهندوان فارا مرعوبا، وطلب فاخذ ماه آذر وروز آذر، وحبس في دار المملكة، ودخل شيرويه دار الملك، واجتمع إليه الوجوه، فملكوه وأرسل إلى أبيه يقرعه بما كان منه.
وحدثت عن هشام بن محمد، قال: ولد لكسرى أبرويز ثمانية عشر ولدا ذكرا، أكبرهم شهريار، وكانت شيرين تبنته، فقال المنجمون لكسرى: إنه سيولد لبعض ولدك غلام، ويكون خراب هذا المجلس وذهاب هذا الملك على يديه، وعلامته نقص في بعض بدنه، فحصر ولده لذلك عن النساء، فمكثوا حينا لا يصلون إلى امرأة، حتى شكا ذلك شهريار إلى شيرين، وبعث إليها يشكو الشبق، ويسألها أن تدخل عليه امرأة وإلا قتل نفسه، فأرسلت إليه: إني لا أصل إلى إدخال النساء عليك إلا أن تكون امرأة لا يؤبه لها، ولا يجمل بك أن تمسها، فقال لها: لست أبالي ما كانت، بعد أن تكون امرأة فأرسلت إليه بجارية كانت تحجمها، وكانت- فيما يزعمون- من بنات أشرافهم، إلا أن شيرين كانت غضبت عليها في بعض الأمور، فأسلمتها في الحجامين، فلما أدخلتها على شهريار وثب عليها، فحملت بيزدجرد، فأمرت بها شيرين فقصرت حتى ولدت، وكتمت أمر الولد خمس سنين ثم إنها رأت من كسرى رقة للصبيان حين كبر، فقالت له: هل يسرك أيها الملك أن ترى ولدا لبعض بنيك على ما كان في ذلك من المكروه؟ فقال: لا أبالي فأمرت بيزدجرد فطيب وحلي، وأدخلته عليه، وقالت: هذا يزدجرد بن شهريار، فدعا به فأجلسه في