للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الجنود، وتفريقك بينهم وبين أهاليهم ومنها غدرك بموريق، ملك الروم، وكفرك إنعامه عليك فيما كان من إيوائه إياك، وحسن بلائه عندك، ودفعه عنك شر عدوك، وتنويهه باسمك في تزويجه إياك اكرم النساء من بناته عليه، وآثرهن عنده، واستخفافك بحقه، وتركك إطلابه ما طلب إليك من رد خشبة الصليب، التي لم يكن بك ولا بأهل بلادك إليها حاجة، علمته.

فإن كانت لك حجج تدلي بها عندنا وعند الرعية فأدل بها، وإن لم تكن لك حجة، فتب إلى الله من قريب، وأنب إليه حتى نأمر فيك بأمرنا.

فوعي أسفاذ جشنس رسالة كسرى شيرويه هذه، وتوجه من عنده إلى كسرى ليبلغه إياها، فلما توجه إلى الموضع الذي كان حبس فيه كسرى ألفى رجلا يقال له جيلنوس كان قائد الجند قد وكل بحراسة كسرى جالسا، فتحاورا ساعة، ثم سأل أسفاذ جشنس جلينوس أن يستأذن له على كسرى ليلقاه برسالة من شيرويه، فرجع جلينوس فرفع الستر الذي كان دون كسرى، فدخل عليه، وقال له: عمرك الله! ان اسفاذ جشنس بالباب، وذكر أن الملك شيرويه أرسله إليك في رسالة، وهو يستأذن عليك، فرأيك في الأمر فيه برأيك! فتبسم كسرى وقال مازحا: يا جلينوس اسفاذ ان، كلامك مخالف كلام أهل العقل، وذلك أنه إن كانت الرسالة التي ذكرت من شيرويه الملك فليس لنا مع ملكه إذن، وإن كان لنا إذن وحجب فليس شيرويه بملك، ولكن المثل في ذلك كما قيل: يشاء الله الشيء فيكون، ويأمر الملك بأمر فينفذ فاذن لاسفاذ جشنس يبلغ الرسالة التي حملها فلما سمع جلينوس هذه المقالة خرج من عند كسرى، وأخذ بيد اسفاذ جشنس، وقال له: قم فادخل إلى كسرى راشدا.

فنهض اسفاذ جشنس، ودعا بعض من كان معه من خدمه، ودفع اليه

<<  <  ج: ص:  >  >>