للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ: أَنَا مَعَ أَبِي وَلا أَقْدِرُ أَنْ أُفَارِقَهُ، فَمَضَى بِهِ، فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَمَرَّ بِالْخَثْعَمِيَّةِ فَدَعَتْهُ نَفْسُهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: هَلْ لَكِ فِيمَا كُنْتِ أَرَدْتِ؟ فَقَالَتْ:

يَا فَتَى، إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ فِي وَجْهِكَ نُورًا فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ فِي، وَأَبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يَجْعَلَهُ حَيْثُ أَرَادَ، فَمَا صَنَعْتَ بَعْدِي؟ قَالَ:

زَوَّجَنِي أَبِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهَا ثَلاثًا، فَأَنْشَأَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ تَقُولُ:

إِنِّي رَأَيْتُ مخيله لَمَعَتْ ... فَتَلَأْلَأَتْ بِحَنَاتِمِ الْقَطْرِ

فلمأتها نُورًا يُضِيءُ لَهُ ... مَا حَوْلَهُ كَإِضَاءَةِ الْبَدْرِ

فَرَجَوْتُهَا فَخْرًا أَبُوءُ بِهِ ... مَا كُلُّ قَادِحٍ زِنْدُهُ يُورِي

لِلَّهِ مَا زهرية سلبت ... ثوبيك ما استلبت وما تدري!

وقالت أيضا:

بني هاشم قد غادرت من أخيكم ... امينه إذ للباه تعتركان

كما غادر المصباح عند خموده ... فتائل قد ميثت له بدهان

وما كل ما يحوي الفتى من تلاده ... لعزم ولا ما فاته لتوان

فأجمل إذا طالبت أمرا فإنه ... سيكفيكه جدان يعتلجان

<<  <  ج: ص:  >  >>