للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راحلته- فما كذب أن جلس على عجز الناقة، فانطلق به، ولم تعلم به أمه حتى كان الليل، فقامت تدعو بحربها على ابنها، فأخبرت أن عمه ذهب به، وقدم به المطلب ضحوة، والناس في مجالسهم، فجعلوا يقولون: من هذا وراءك؟

فيقول: عبد لي، حتى أدخله منزله على امرأته خديجة بنت سعيد بن سهم، فقالت: من هذا؟ قال: عبد لي، ثم خرج المطلب حتى أتى الحزورة، فاشترى حلة فألبسها شيبة، ثم خرج به حين كان العشي إلى مجلس بني عبد مناف، فجعل بعد ذلك يطوف في سكك مكة في تلك الحلة، فيقال:

هذا عبد المطلب، لقوله: هذا عبدي حين سأله قومه، فقال المطلب:

عرفت شيبة والنجار قد جعلت ... ابناؤها حوله بالنبل تنتضل

وقد حدثني هذا الحديث علي بن حرب الموصلي، قال: حدثني أبو معن عيسى- من ولد كعب بن مالك- عن محمد بن أبي بكر الأنصاري، عن مشايخ الأنصار، قالوا: تزوج هاشم بن عبد مناف امرأة من بني عدي بن النجار، ذات شرف، تشرط على من خطبها المقام بدار قومها، فتزوجت بهاشم، فولدت له شيبة الحمد، فربى في أخواله مكرما، فبينا هو يناضل فتيان الأنصار إذ أصاب خصلة، فقال: أنا ابن هاشم وسمعه رجل مجتاز فلما قدم مكة، قال لعمه المطلب بن عبد مناف: قد مررت بدار بني قيلة فرأيت فتى من صفته ومن صفته يناضل فتيانهم، فاعتزى إلى أخيك، وما ينبغي ترك مثله في الغربة فرحل المطلب حتى ورد المدينة، فأراده على الرحلة، فقال: ذاك إلى الوالدة، فلم يزل بها حتى أذنت له، وأقبل به قد أردفه، فإذا لقيه اللاقي وقال: من هذا يا مطلب؟ قال: عبد لي، فسمي عبد المطلب فلما قدم مكة وقفه على ملك أبيه، وسلمه إليه، فعرض له نوفل بن عبد مناف في ركح له، فاغتصبه إياه، فمشى عبد المطلب إلى رجالات قومه، فسألهم النصرة على عمه، فقالوا: لسنا بداخلين بينك وبين عمك، فلما رأى ذلك كتب إلى أخواله يصف لهم حال نوفل، وكتب في كتابه:

أبلغ بني النجار إن جئتهم ... إني منهم وابنهم والخميس

<<  <  ج: ص:  >  >>