للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أمر ينزل بهم إلا في داره، ولا يعقدون لواء لحرب قوم من غيرهم إلا في داره، يعقدها لهم بعض ولده، وما تدرع جارية إذا بلغت أن تدرع من قريش إلا في داره، يشق عليها فيها درعها ثم تدرعه، ثم ينطلق بها إلى أهلها، فكان أمره في قومه من قريش في حياته وبعد موته كالدين المتبع، لا يعمل بغيره تيمنا بأمره ومعرفة بفضله وشرفه، واتخذ قصي لنفسه دار الندوة، وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، ففيها كانت قريش تقضي أمورها حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الملك بن راشد، عن أبيه، قال: سمعت السائب بن خباب صاحب المقصورة يحدث أنه سمع رجلا يحدث عمر بن الخطاب- وهو خليفة- حديث قصي بن كلاب هذا وما جمع من أمر قومه، وإخراجه خزاعة وبني بكر من مكة، وولايته البيت وأمر مكة، فلم يردد ذلك عليه ولم ينكره.

قال: فأقام قصي بمكة على شرفه ومنزلته في قومه لا ينازع في شيء من أمر مكة، إلا أنه قد أقر للعرب في شأن حجهم ما كانوا عليه، وذلك لأنه كان يراه دينا في نفسه، لا ينبغي له تغييره، وكانت صوفة على ما كانت عليه، حتى انقرضت صوفة، فصار ذلك من أمرهم إلى آل صفوان بن الحارث ابن شجنة وراثة، وكانت عدوان على ما كانت عليه، وكانت النسأة من بني مالك بن كنانة على ما كانوا عليه، ومرة بن عوف على ما كانوا عليه، فلم يزالوا على ذلك حتى قام الإسلام، فهدم الله به ذلك كله وابتنى قصي دارا بمكة، وهي دار الندوة، وفيها كانت قريش تقضي أمورها، فلما كبر قصى ورق عظمه- وكان عبد الدار بكره هو، كان أكبر ولده، وكان- فيما يزعمون- ضعيفا، وكان عبد مناف قد شرف في زمان أبيه، وذهب كل مذهب وعبد العزى بن قصي وعبد بن قصي، فقال قصي لعبد الدار فيما يزعمون: أما والله لألحقنك بالقوم، وإن كانوا قد شرفوا عليك، لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تكون أنت تفتحها، ولا يعقد لقريش لواء لحربهم إلا أنت بيدك، ولا يشرب رجل بمكة ماء إلا من سقايتك، ولا يأكل أحد من

<<  <  ج: ص:  >  >>