للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاسْتَقْبَلَهُمْ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: جِئْنَا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ خَارِجٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ، فَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إِلَّا بُعِثَ إِلَيْهَا نَاسٌ، وَإِنَّا اخْتِرْنَا خِيرَةَ، بَعْثِنَا إِلَى طَرِيقِكَ هَذَا، قَالَ لَهُمْ: هَلْ خَلَّفْتُمْ خَلْفَكُمْ أَحَدًا هُوَ خَيْرٌ مِنْكُمْ؟

قَالُوا: لا، إِنَّمَا اخْتِرْنَا خِيرَةً لِطَرِيقِكَ هَذَا، قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ أَمْرًا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَهُ، هَلْ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رَدَّهُ! قَالُوا: لا، فَتَابَعُوهُ وَأَقَامُوا مَعَهُ، قَالَ: فَأَتَاهُمْ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ، أَيُّكُمْ وَلِيُّهُ؟ قَالُوا: أَبُو طَالِبٍ، فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ حَتَّى رَدَّهُ، وَبَعَثَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِلالًا، وَزَوَّدَهُ الرَّاهِبُ مِنَ الْكَعْكِ وَالزَّيْتِ.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن قيس بن مخرمة، عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، [عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ:

سَمِعْتُ رسول الله ص، يَقُولُ: مَا هَمَمْتُ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْمَلُونَ بِهِ غَيْرَ مَرَّتَيْنِ، كُلُّ ذَلِكَ يَحُولُ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَا أُرِيدُ مِنْ ذَلِكَ.

ثُمَّ مَا هَمَمْتُ بِسُوءٍ حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرِسَالَتِهِ، فَإِنِّي قَدْ قُلْتُ لَيْلَةً لِغُلامٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَ يَرْعَى مَعِي بِأَعْلَى مَكَّةَ: لَوْ أَبْصَرْتَ لِي غَنَمِي حَتَّى أَدْخُلَ مَكَّةَ، فَأَسْمُرَ بِهَا كَمَا يَسْمُرُ الشَّبَابُ! فَقَالَ: أَفْعَلُ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ أَوَّلَ دَارٍ مِنْ دُورِ مَكَّةَ، سَمِعْتُ عَزْفًا بِالدُّفُوفِ وَالْمَزَامِيرِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: فلان ابن فُلانٍ تَزَوَّجَ بِفُلانَةٍ بِنْتِ فُلانٍ.

فَجَلَسْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أُذُنِي فَنِمْتُ فَمَا أَيْقَظَنِي إِلا مَسُّ الشَّمْسِ، قَالَ: فَجِئْتُ صَاحِبِي، فَقَالَ: مَا فَعَلْتَ؟ قُلْتُ: مَا صَنَعْتُ شَيْئًا، ثُمَّ أَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ لَهُ لَيْلَةً أُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ:

أَفْعَلُ، فَخَرَجْتُ فَسَمِعْتُ حِينَ جِئْتُ مَكَّةَ مِثْلَ مَا سَمِعْتُ حِينَ دَخَلْتُ مَكَّةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَجَلَسْتُ أَنْظُرُ، فضرب الله على اذنى، فو الله مَا أَيْقَظَنِي إِلا مَسُّ الشَّمْسِ، فَرَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، ثُمَّ مَا هَمَمْتُ بَعْدَهَا بِسُوءٍ حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرِسَالَتِهِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>