ابن الْوَلِيدِ أَنْهَدُ فَتًى فِي قُرَيْشٍ وَأَشْعَرُهُ وَأَجْمَلُهُ، فَخُذْهُ فَلَكَ عَقْلُهُ وَنُصْرَتُهُ، وَاتَّخِذْهُ وَلَدًا، فَهُوَ لَكَ، وَأَسْلِمْ لَنَا ابْنَ أَخِيكَ- هَذَا الَّذِي قَدْ خَالَفَ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ، وَفَرَّقَ جَمَاعَةَ قَوْمِكَ، وَسفه أَحْلَامَهُمْ- فَنَقْتُلُهُ، فَإِنَّمَا رَجُلٌ كَرَجُلٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَبِئْسَ مَا تَسُومُونَنِي! أَتُعْطُونَنِي ابْنَكُمْ أَغْذُوهُ لَكُمْ، وَأُعْطِيكُمُ ابْنِي تَقْتُلُونَهُ! هَذَا وَاللَّهِ ما لا يكون ابدا فقال المطعم ابن عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: وَاللَّهِ يَا أَبَا طَالِبٍ، لَقَدِ أَنْصَفَكَ قَوْمُكَ، وَجَهِدُوا عَلَى التَّخَلُّصِ مِمَّا تَكْرَهُهُ، فَمَا أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تَقْبَلَ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ لِلْمُطْعِمِ: وَاللَّهِ مَا أَنْصَفُونِي، وَلَكِنَّكَ قَدْ أَجْمَعْتَ خِذْلَانِي وَمُظَاهَرَةِ الْقَوْمِ عَلَيَّ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ! أَوْ كَمَا قَالَ أَبُو طَالِبٍ.
قَالَ: فَحَقِبَ الأَمْرُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَحَمِيَتِ الْحَرْبُ، وَتَنَابَذَ الْقَوْمُ، وَبَادَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا تَذَامَرُوا عَلَى مَنْ فِي الْقَبَائِلِ مِنْهُمْ من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين أَسْلَمُوا مَعَهُ فَوَثَبَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُعَذِّبُونَهُمْ وَيَفْتِنُونَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَمَنَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْهُمْ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ قَامَ أَبُو طَالِبٍ حِينَ رَأَى قُرَيْشًا تَصْنَعُ مَا تَصْنَعُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ منع رسول الله ص، وَالْقِيَامِ دُونَهُ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، وَقَامُوا مَعَهُ، وَأَجَابُوا إِلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الدَّفْعِ عَنْ رسول الله ص، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute