للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مَسْعُودٍ: أَنَا، قَالُوا: إِنَّا نَخْشَاهُمْ عَلَيْكَ، إِنَّمَا نُرِيدُ رَجُلًا لَهُ عَشِيرَةٌ يَمْنَعُونَهُ مِنَ الْقَوْمِ إِنْ أَرَادُوهُ، فَقَالَ: دَعُونِي، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَمْنَعُنِي، قَالَ: فَغَدَا ابْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى أَتَى الْمَقَامَ فِي الضُّحَى، وَقُرَيْشٌ فِي أَنْدِيَتِهَا، حَتَّى قَامَ عِنْدَ الْمَقَامِ ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» - رافعا بها صوته- «الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ» ، قَالَ: ثُمَّ اسْتَقْبَلَهَا يَقْرَأُ فِيهَا، قَالَ:

وَتَأَمَّلُوا وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: مَا يَقُولُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ! ثم قالوا: انه ليتلو بَعْضَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ فَقَامُوا إِلَيْهِ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ فِي وَجْهِهِ، وَجَعَلَ يَقْرَأُ حَتَّى بَلَغَ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى أَصْحَابِهِ، وَقَدْ أَثَّرُوا بِوَجْهِهِ، فَقَالُوا:

هَذَا الَّذِي خَشِينَا عَلَيْكَ! قَالَ: مَا كان أعداء الله اهون على منهم الان! لَئِنْ شِئْتُمْ لَأُغَادِيَنَّهُمْ غَدًا بِمِثْلِهَا، قَالُوا: لا، حَسْبُكَ، فَقَدْ أَسْمَعْتَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ قال أبو جعفر: ولما استقر بالذين هاجروا إلى أرض الحبشة القرار بأرض النجاشي واطمأنوا، تآمرت قريش فيما بينها في الكيد بمن ضوى إليها من المسلمين، فوجهوا عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي إلى النجاشي، مع هدايا كثيرة أهدوها إليه وإلى بطارقته، وأمروهما أن يسألا النجاشي تسليم من قبله وبأرضه من المسلمين إليهم فشخص عمرو وعبد الله إليه في ذلك، فنفذا لما أرسلهما إليه قومهما، فلم يصلا إلى ما أمل قومهما من النجاشي، فرجعا مقبوحين، وأسلم عمر بن الخطاب رحمه الله، فلما أسلم- وكان رجلا جلدا جليدا منيعا، وكان قد اسلم قبل ذلك حمزه ابن عبد المطلب، ووجد أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أنفسهم قوة، وجعل الإسلام يفشو في القبائل، وحمى النجاشي من ضوى إلى بلده منهم- اجتمعت قريش، فائتمرت بينها: أن يكتبوا بينهم كتابا

<<  <  ج: ص:  >  >>