من الملاحظ في عادات البشر أنها جارية وفق سَنَنٍ واحدٍ. والإمام الشهاب القرافي لم يُصرِّح بمنهجه في كتابه " شرح تنقيح الفصول "، لكنه جرى فيه على حَذْو منهجه المرسوم في كتابه الموسوعة " الذخيرة ".
ولعلّ عدم تصريحه بمنهجه في هذا الكتاب أنه كتاب متوسط أو دونه بقليل، فلم ير حاجةً إلى إبراز معالم منهجه فيه. بينما أجْلى طريقته ومنهجه في كتابه
" الذخيرة " لأنه مشروع عمره، وذخره عند الله تعالى في يوم المعاد، وذخيرة لطلبة العلم في تحصيل مطالبهم (١) .
قد تختلف طرائق التأليف والمناهج بالنظر إلى طبيعة البحث، فهناك مغايرات في منهجية البحث الفقهي، والبحث الأصولي. بَيْد أن هناك أموراً مشتركة في كل
بحث، فلنأخذ في بيان هذه القواسم المشتركة التي جاءت في كتبه:" الذخيرة "
و" نفائس الأصول " و" شرح تنقيح الفصول ". نذكرها مجملةً، ثم نفصِّلها بعد
ذلك، علماً بأن هذه الملامح تمثِّل مميزات القرافي المنهجية:
- حرص على جمع الأقوال والآراء والمذاهب في المسألة، والتزم بعزو كل نقل لقائله في الأعم الأغلب، حتى إذا وقع خلل في النقل استدركه المطالع من موضع العزو، وهذا من مميزاته.
- سعى إلى إبراز المذهب المالكي في المسائل على وجه الخصوص؛ لإظهار شرفه بين المذاهب.
- حرَّر المسائل وقرَّرها وفق منهج علمي سليم، يقوم على ذكر الآراء وتحرير النزاع إن اقتضى المقام، ثم يذكر أدلة كل فريقٍ في تجرُّدٍ تام، وموضوعية خالية عن التعصب، ثم يجيل النظر في تلك الأدلة، مناقشاً لها، ومفنِّداً لأدلة الخصم، بما لا يدع