لهم حجة قوية، حتى يخلص إلى القول الفصل فيها مستخدماً أسلوب تقرير القاعدة في الحجاج، وأحياناً تتساوى أدلة الطرفين في نظره، فلا يغلِّب رأياً على رأي، ثم هو يفصح عن منشأ الخلاف وسببه، وعن ثمرته في بعض الأحايين.
- كما يلاحظ في منهجيات القرافي في كتبه سعيه الحثيث على إيراد الإشكالات والسؤالات التي قد تنشأ في خاطر القاريء، ثم يجيب عنها إن أسعفه الجواب، وإلا يتركها كما هي، إن استبدَّ الإشكال في نفسه، وعجز عن الجواب عنه. وهذا مما امتاز به القرافي عن غيره.
- حرص القرافي على إثبات الفروقات بين المسائل المتشابهة كلما أمكنه ذلك وهذه خصيصة تميَّز بها منهج القرافي في تآليفه.
- من عادته وديدنه إثبات ما يحضره من فوائد وقواعد، وتنبيهات وتفريعات، واستطرادات قد تكون خارجة عن الموضوع في ثنايا كتبه، وقد سطَّرها تحت عنوانات صغيرة، كقوله: فائدة، تنبيه، فرع. . . إلخ.
- له عناية فائقة بالحدود والتعريفات، مقارنةً وشرحاً واعتراضاً وترجيحاً، هذه العناية تحكم ببراعة القرافي ودقته حيال تعامله مع الألفاظ والاصطلاحات.
تلكم هي أبرز خصائص منهج القرافي في سائر كتبه، وتِيْكم هي الخطوط العريضة لهذا المنهج. فالقرافي يبدو من خلاله أنه متابعٌ لغيره في بعض الخطوات، لكن له انفرادات تميّز بها دون أن يشركه فيها غيره.
وإن القاريء لكتاب " شرح تنقيح الفصول " بفحْصٍ وتأملٍ يمكنه تلمُّس تلك السمات المنهجية العامة في هذا الكتاب.
فإلى بيان المنهج الذي انتهجه القرافي وترسَّم خطاه في الجوانب التفصيلية التالية:
أولاً: تعامل المؤلف مع المتن:
سبقت الإشارة إلى أن الكتاب متناً وشرحاً يعتبر وحدة واحدة لا يمكن الفصل بينهما (١) ، ولكن كيف كان المؤلف يشرح المتن؟