للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث

في تأسِّيه صلى الله عليه وسلم (١)

مسألة تعبُّد النبي صلى الله عليه وسلم بشرع من قبله قبل نبوته

ص: مذهب مالكٍ وأصحابِه أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبِّداً بشرع مَنْ قَبْله قبل نُبُوَّته (٢) ، وقيل: كان متعبِّداً (٣) ،

لنا أنه لو كان كذلك لافتخرتْ به أهل (٤) تلك الملة وليس فليس.


(١) مناسبة هذا الفصل لموضوع باب دلالة فعله صلى الله عليه وسلم هي: أن أفعاله صلى الله عليه وسلم قبل النبوَّة وبعدها، هل تكون موضعاً للتأسي به فيها فيما كان يفعله بمقتضى شرائع من قبله أم لا؟
اعتبر السرخسي وعبد العزيز البخاري البحث في مسألة: تعبد النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة بشرع من قبله من

" أصول التوحيد " وليس من " أصول الفقه ". انظر: أصول السرخسي ١ / ١٠٠، كشف الأسرار للبخاري ٣ / ٣٩٨. وذكر أبو الحسن علي الأبْيَاري بأن هذه المسألة غير محتاج إليها في أصول الفقه. انظر: التحقيق والبيان في شرح البرهان ص ٦٨٨ (رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى بمكة تحقيق / علي بن عبد الرحمن بسَّام) .
(٢) انظر مذهب مالك وأصحابه في: تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السُّول للرهوني (رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى بمكة تحقيق / يوسف الأخضر القيم) القسم الثاني ص ٧٩٧، التوضيح لحلولو
ص ٢٥١، رفع النقاب القسم ٢ / ٣٥٠، مراقي السعود إلى مراقي السعود لمحمد الأمين الجكني المعروف بالمرابط ص ٢٦٤.
والقول بمنع التعبد قبل البعثة مذهب جمهور المتكلمين، وغيرهم. انظر: المعتمد ٢ / ٣٣٦، قواطع الأدلة ٢ / ٢٢٤، المنخول للغزالي ص ٢٣١، كشف الأسرار للبخاري ٣ / ٣٩٨، الضياء اللامع ٢ / ١٤١.
(٣) وهو المختار عند الحنفية، وابن الحاجب من المالكية، والبيضاوي من الشافعية، والصحيح من مذهب الحنابلة. انظر: العدة لأبي يعلى ٣ / ٧٦٥، منتهى السول والأمل ص٢٠٥، كشف الأسرار للنسفي ٢ / ١٧١، جامع الأسرار للكاكي ٣ / ٩٠٦، الإبهاج ٢/٢٧٥، التقرير والتحبير ٢ / ٤١٠، شرح الكوكب المنير ٤/٤٠٩.
ثم اختلف هؤلاء: على أيِّ شريعةٍ كان يتعبّد الله بها؟ فقيل: على شريعة آدم عليه السلام، وقيل: نوح، وقيل: إبراهيم، وقيل: موسى، وقيل: عيسى عليهم جميعاً السلام. وقيل: على ما ثبت أنه شرعٌ من غير تعيين نبيّ. انظر هذه الأقوال وأدلتها في: البحر المحيط للزركشي ٨ / ٣٩.
والمذهب الثالث في المسألة هو: التوقف، وهو المختار عند أكثر الشافعية، منهم: الجويني والغزالي وابن بَرْهان والآمدي والسبكي وغيرهم، وهو محكيٌّ عن أبي هاشم الجبائي والقاضي عبد الجبار، وقوَّاه أبو الخطاب في التمهيد ٢/٤١٣.

وهذا المذهب هو الأجدر بالقبول إذا لا دليل على القطع بواقع النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة: انظر: المعتمد ٢/ ٣٣٧، البرهان للجويني ١/ ٣٣٤، المستصفي ١/٣٩١، الوصول لابن بَرْهان ١/٣٨٩، الإحكام للآمدي ٤/١٣٧، جمع الجوامع (بحاشية البناني) ٢ / ٣٥٣.
ولمعرفة سبب اختلافهم انظر: تقرير الشربيني على شرح المحلي لجمع الجوامع (بحاشية البناني) ٢/ ٣٥٢.
(٤) ساقطة من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>