للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدة: سئل الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله عن قتل الهِرِّ المؤذي: هل يجوز أم لا؟. فكتب رحمة الله عليه وأنا حاضر: إذا خرجتْ أذيَّته عن عادة القطط، وتكرر ذلك منه قتل، فاحترز بالقيد الأول عما هو في طبع الهر من أكل اللحم إذا تُرك سائباً أو عليه شيء يمكن رفعه للهر، فإذا رفعه وأكله لا (١) يقتل ولو تكرر ذلك منه؛ لأنه طبعه، واحترز بالقيد الثاني من (٢) أن يكون ذلك منه على وجه الفَلْتة (٣) ، فإن ذلك لا يوجب قتله، بل القتل إنما يكون في الميئوس من صلاحه واستصلاحه من الآدميين والبهائم (٤) .

وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: إذا أذتْ الهرة وقُصِد قتلها، فلا تعذَّب ولا تُخْنق، بل تذبح بموسى حادَّة (٥) ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبْحة)) (٦) .

ومن هذا الباب مسألة السفن وما يُطْرح منها خوف الغرق على المال أو النفس، فإنه إتلاف لصون النفس والمال (٧) .

مسألة: الحيوان الذي لا يؤكل إذا وصل في المرض لحدٍّ لا يُرجى، هل يُذبح تسهيلاً عليه وإراحة له من ألم الوجع؟. الذي رأيته المنع (٨) (٩) إلا أن يكون مما يُذكَّى


(١) في ق: ((لم)) .
(٢) في ق: ((عن)) .
(٣) الفَلْتَة هي: البَغْتة، والخَلْسة، والفَجْأة. انظر مادة " فلت " في: لسان العرب.
(٤) لم أعثر على هذه المسألة فيما وقفت عليه من كتب العز بن عبد السلام، ولا في كتب الشافعية، ولكنها موجودة في: مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب ٤ / ٣٥٧، وانظر: المحلى ٧ / ٢٣٩.
(٥) انظر النسبة إلى أبي حنيفة في: مواهب الجليل ٤ / ٣٥٨. ولم أهتدِ إلى توثيقها من كتب الحنفية، وإن كانت المسألة موجودة من غير عزوٍ في: البحر الرائق لابن نجيم ٨ / ٢٣٢، ٥٥٤.
(٦) رواه مسلم (١٩٥٥) عن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه بلفظ: (( ... فأحسنوا الذَّبْح)) . ورواه الترمذي (١٤٠٩) بنفس لفظ المصنف.
(٧) قرَّر المصنّف مسألة الطَّرح من السفن أحسن تقرير في كتابه: الفروق (٤ / ٨ - ١٠) . وانظر: ترتيب الفروق واختصارها للبقوري ٢ / ١٧٧.
(٨) في ن: ((لا يذكَّى)) .
(٩) ما رآه المصنف هو المنع. لكن ما رآه الحَطَّاب هو الإجهاز عليه لإراحته. انظر: مواهب الجليل ٤/٣٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>