للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبياض فيه، ولا يقال ذلك لغيره من الحيوانات (١) ، فلو كان القياس سائغاً لساغ ذلك، لكن أهل اللغة منعوه، وكذلك " القارورة " تقال (٢) للزُّجاجة لأجل ما يستقر فيها (٣) ، ولا يقال ذلك للنهر ولا لغيره وإن استقرت فيه (٤) المائعات.

حجة الجواز: أن الفاعل يُرفع في زماننا، والمفعول يُنْصب، وغير ذلك من المعمولات، وذلك في* أسماء لم تسمعْها العرب من الأعلام وغيرها، فلا يمكن أن يقال ذلك بالوضع؛ لأن العرب لم تسمع هذه الأسماء. والوضع فرع التصوُّر، فيتعيَّن أن يكون بالقياس.

والجواب: أن ذلك بالوضع، والعرب لما وَضَعت الفاعل ورفعتْهُ لم تضعْه لشيء بعينه بل للحقيقة الكلية، وتلك الحقيقة الكلية - وهو (٥) كونه مُسنداً (٦) إليه الفعلُ وما في معنى الفعل من اسم الفاعل ونحوه - موجود في جميع هذه الصور (٧) ، فلا جَرَم صحَّ الإطلاق، وكان عربياً حقيقة لا مجازاً ولا قياساً.

[القياس في الأسباب]

ص: الثالث: الشهير (٨) أنه لا يجوز إجراء القياس في الأسباب (٩) ، كقياس


(١) يدلُّ على ذلك ما جاء في: " فقه اللغة وسر العربية " للثعالبي ص ١٢٧ قال: ((فصل: في تقسيم السواد والبياض على ما يجتمعان فيه: فرس أَبْلق، تَيْس أَخْرَج، كَبْش أَمْلح، ثوْر أَشْيَه، غُراب أَبْقَع، جبل
أَبْرق، دجاجة رَقْطَاء ... )) .
(٢) في س، ن: ((يقال)) وهو على تقدير كلمة " لفظ ".
(٣) انظر: القاموس المحيط مادة " قرر ".
(٤) ساقطة من س.
(٥) في س، ق: ((هو)) ، ويُسمى ضمير الشأن، والتعبير هنا بـ ((هو)) ، و ((هي)) جائز بحسب النظر للمتقدم عليها أو المتأخر عنها. انظر: النحو الوافي ١ / ٢٦٥.
(٦) في س: ((مستنداً)) ، وفي ق: ((مسند)) وهو خطأ نحوي، لأن خبر " كان " منصوب.
(٧) يوضح هذا المعنى ما ذكره المصنف في نفائس الأصول (٨ / ٣٥٩١) : ((وتارة تضع (أي العرب) الكلية كقولهم: كل فاعل مرفوع، كما قالوا: كل جسمٍ حسَّاسٍ اسمه حيوان، فليس هاهنا قياس ألبتة، بل كل فاعل يُرفع بالوضع الأول لا بالقياس ... كما إذا قال الشارع: اقتلوا كل مُشْرك، فإنَّا نقتل ما نجده منهم بنص الشارع لا بالقياس، فالكليات اللغوية أو الشرعية لا يدخلها القياس ... )) .
(٨) في متن هـ: ((المشهور)) .
(٩) هذه المسألة عنوانها: القياس في الأسباب، ويمكن أن يُضمّ إليها الشروط والموانع. والمراد منها: ما إذا أضيف حكمٌ إلى سببٍ عُلمتْ فيه علة السبب، فإذا وجدت هذه العلة في محلٍّ آخر، فهل يقاس على المحل الأول في سببيته؟

<<  <  ج: ص:  >  >>