للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح

أما وقوع النسخ فلأنَّ الله تعالى أوجب وقوف الواحد مِنَّا للعشرة من الكفار

في الجهاد (١) ، ثم نَسَخَهُ بقوله تعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} (٢) وصار الحكم أن يقف (٣) الواحد منا (٤) للاثنين بقوله تعالى: {فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} (٥) .

ونَسَخَ تعالى آياتِ (٦) المُوَاْدَعَةِ (٧) ،

ويقال:


(١) في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} [الأنفال: ٦٥] .
(٢) الأنفال، من الآية: ٦٦.
(٣) في ن: ((يوقف)) والمثبت أنسب.
(٤) ساقطة من ن، ق.
(٥) الأنفال، من الآية: ٦٦. وقد اختلف العلماء في وقوع النسخ في آية المصابرة، فالجمهور أنها منسوخة، وقد حكى ابن عطية الإجماع على ذلك. وقال آخرون: لم يقع فيها نسخ بل من باب التخفيف. والصحيح رأي الجمهور؛ لأنه رَفْع حُكْمٍ استقرَّ - وهو وجوب مصابرة الواحدة للعشرة - بحكم وجوب المصابرة للاثنين، وهذا هو النسخ بعينه. انظر أدلة الفريقين ومناقشتها في كتاب: الآيات المنسوخة في القرآن الكريم د. عبد الله الشنقيطي ص ٩٩. وانظر أيضاً: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية ٢ / ٣٨٣، ٨/ ٩، الناسخ والمنسوخ للنحاس ٢ / ٧٨٣، نواسخ القرآن لابن الجوزي ص ٣٤٩.
(٦) في ن، س: ((آية)) . والمثبت هو الصحيح؛ لأنها آيات وليست آية.
(٧) في س، ن: ((المواعدة)) وهو تحريف.
* والمُوَادَعةُ والتَّوادُع: شِبْه المُصَالحة والتَّصَالُح، يقال: وادعَ [بني] فلان أي: صَالَحهم وسَالَمهم على ترك الحرب والأذى. وحقيقة الموادعة: المتاركة، أي: يَدَعُ كلُّ واحدٍ منهما ما هو فيه. انظر: لسان العرب مادة " ودع ".

وذكر الرصَّاع: بأن المُهادنة والصُّلْح والاسْتِيْمان والمُعَاهدة ألفاظٌ مترادفة، وعرَّف ابنُ عرفة " المهادنة " بأنها: عقدُ المُسْلم مع الحَرْبيّ على المسالمة مدةً ليس هو فيها تحت حكم الإسلام. انظر: شرح حدود ابن عرفة للرصَّاع ١ / ٢٢٦. ومن أمثلة آيات الموادعة قوله تعالى: {الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة:١٠٩] ، وقوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ ش [النساء: ٦٣] ، وقوله تعالى: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: ٦١] ، وقوله تعالى: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً} [المزمل: ١٠] ، وغيرها. انظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكِّيّ بن أبي طالب القَيْسِي ص ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>