للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقارنة الثانية: المقارنة بين " شرح تنقيح الفصول "

و" نفائس الأصول "

تنبع أهمية المقارنة بين الكتابين من كونهما كتابين أصوليين لمؤلِّفٍ واحدٍ، فبعقد مقارنة وموازنة بينهما يظهر لنا مدى نمو الفكر الأصولي عند القرافي، ومدى ثباتيَّة واستقرارية آرائه الأصولية.

وكتاب " نفائس الأصول " صَنَعه القرافي ليكون شرحاً للمحصول، وإثارة للإشكالات الواردة على مسائله مع حلِّها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فما كان له من تعقبّات في النفائس على محصول الرازي، جاءت في كتابه " شرح تنقيح الفصول " على شكل تقريراتٍ مُسلَّمة باعتباره متأخِّر التأليف عن الأول.

وأودُّ - قبل عقد المقارنة بينهما - أن أبيِّن في عجالةٍ سريعة منهج القرافي في كتابه نفائس الأصول حتى ترتكز عملية المقارنة على خَلْفيَّةٍ ذِهْنيَّةٍ ذاتِ صورةٍ واضحةِ المعالم والسِّمات.

شَرَح القرافي كتاب " المحصول " للرازي بطريقتين، الأولى: طريقة القول، بمعنى " قال فأقول ". فهو يورد قول صاحب المحصول أو طَرَفاً منه، ثم يشرحه بتقريرٍ أو إيراد أسئلةٍ أو نحو ذلك. والثانية: طريقة الشرح بالمضمون، دون التزامٍ لذكر المتن، فنجده يذكر رأس المسألة كما يذكره الإمام أو يختصره، ثم يتناول ما ذكره الإمام تحت هذا العنوان بالشرح والتقرير كلمةً كلمةً أو جملةً جملةً، فيقول مثلاً: قوله ((كذا وكذا. . .)) ، تقريره: ((كذا وكذا. . .)) ، فإن وافقه اكتفى بتقرير كلامه، وأجاب عن الأسئلة القوية الواردة عليه. وإن خالفه أورد عليه الأسئلة والاعتراضات التي يرى أنها قويّة، سواء كانت مما أورده العلماء السابقون أم مما جادتْ به قريحته، وتفتَّق عنها ذهنه. فإذا انتهى من الكلام عن عبارة المحصول ما لها وما عليها، انتقل إلى الكلام عن مختصراته، فيذكر موافقتهم للمحصول أو مخالفتهم، ويوازن بين عبارة المحصول ومختصراته، ويبيِّن أيهما أسلم وأصوب (١) .


(١) انظر: القسم الدراسي لكتاب نفائس الأصول. الجزء الأول بتحقيق فضيلة شيخنا د. عياض السلمي
ص ١١١ - ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>