للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبنى الإمام فخر الدين هذه المسألة على قاعدةٍ (١) وهي: أن الإجماع لا ينعقد في زمانه عليه الصلاة والسلام، لأنه بعض المؤمنين بل سيّدهم، ومتى وُجِد قوله عليه الصلاة والسلام فلا عبرة بقول (٢) غيره (٣) ، وإذا لم ينعقد إلا بعد وفاته عليه الصلاة والسلام لم يمكن (٤) نَسْخُه بالكتاب والسنة لتعذرهما بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، ولا بالإجماع لأن هذا الإجماع الثاني إن كان لا عن دليل فهو خطأ، وإن كان عن دليل فقد غفل عنه الإجماع الأول فكان خطأً، والإجماع لايكون خطأً (٥) ، فاستحال النسخ بالإجماع (٦) . ولا بالقياس لأن من شرطه أن لا يكون على خلاف الإجماع، فيتعذر (٧) نسخ الإجماع مطلقاً.

وأما كون الإجماع ناسخاً فقال (٨) : لا يمكن أن يَنْسَخ كتاباً ولا سنةً؛ لأنه يكون على خلافهما فيكون خطأً، ولا إجماعاً (٩) لأن أحدهما يلزم أن يكون خطأً لمخالفته لدليل الإجماع الآخر، ولا قياساً (١٠) لأن من شرط القياس عدم الإجماع، فإذا أجمعوا على خلاف حكم القياس زال القياس لعدم شرطه (١١) .


(١) انظر: المحصول للرازي ٣ / ٣٥٤.
(٢) ساقطة من س.
(٣) انظر ردّ المصنف على الرازي في قوله: ((فلا عبرة بقول غيره)) في نفائس الأصول ٦ / ٢٥٠١، ثم انظر تعقيب الأصفهاني على هذا الرد في: الكشاف عن المحصول ٥ / ٣٠٢.
(٤) في س: ((يكن)) .
(٥) ساقطة من ن.
(٦) هنا زيادة: ((فيتعذر نسخ الإجماع مطلقاً)) وهي تكرار لا داعي لها.
(٧) في ص: ((فاستحال)) .
(٨) أي الإمام فخر الدين. انظر: المحصول ٣ / ٣٥٧.
(٩) في ن: ((إجماع)) وهو خطأ فيما يبدو لي، لأنها معطوفة على منصوب، والعاطف حرف الواو، و" لا " زائدة لتوكيد النفي. انظر: مغني اللبيب ١ / ٤٦٨.
(١٠) في ن: ((قياس)) انظر الهامش الآنف الذكر.
(١١) أورد المصنف في نفائس الأصول (٦ / ٢٥٠٢) إشكالاً على الرازي في كون الإجماع لا يُنسخ به مع أنه يُخصص به، لأن التخصيص لابد له من مستند، فكذا في النسخ، ويكون ذلك المستند هو الناسخ. وقد ردّ هذا الإشكال الأصفهاني في الكاشف عن المحصول ٥ / ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>